والجهد بالضم التعب فالمعنى أنه لاقى تعباً ونصباً مؤثراً فيه غاية التأثير لما يرى من هول القيامة، وما يخشى من الحساب والعقاب فلا يقدر فيه مضاف ولا يصح تفسيره بما في القول السابق إلا أن يكون الجهد بفتح الجيم، ويفسر بالجد في العمل والمضبوط خلافه، وقوله: من كدحه الخ بيان لمعناه الوضعي وهو الخدش في الجلد أي تخريقه خروقا صغيرة فاستعير للجد في العمل، وللتعب بجامع التأثير في ظاهر البشرة فيهما كما أشار إليه الزمخشريّ. قوله:) أو فملاقيه (أي جواب إذا قوله: فملاقيه كما ذهب إليه الأخفش فيكون تقديره فهو ملاقيه ونحوه فيكون جملة فيصلح لأن يكون جواباً لإذا فإنه قد يقترن بالفاء وعلى هذا الأخير فجملة: {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ} الخ جملة معترضة بين الشرط والجزاء، وعلى غيره فقوله: فملاقيه معطوف على ما قبله بلا
اعتراض، وضمير إليه وجزائه للرب أو للعمل. قوله: (سهلاَ) فسر. بقوله: لا يناقث! فيه أي لا يدقق في حسابه فإنّ (من نوقش الحساب عذب) كما ورد في الحديث وهو الحساب الحقيقي، وأمّا هذا فعرض كما ورد في الحديث، وأصل المناقثة إخراح الشوك من الجسد بإبرة وهو صعب جدّاً، وقوله: أي يؤتى كتابه بشماله الخ فالمراد بهما واحد ولا منافاة بين الإيتاء من وراء الظهور، وكونهم من أهل الشمال، وفي قوله: يؤتى إشارة إلى أن أوتى بمعنى المضارع وعبر به للتحقيق، وقوله: قيل الخ وجه للتوفيق وجعل يسراه كذلك بثنيها وخلعها والعياذ بالله، ثم إنّ هذا إن كان في الكفرة وما قبله في المؤمنين المتقين فلا تعرّض هنا للعصاة كما ذصب إليه أبو حيان، وقيل: إنه لا بعد في إدخالهم في أهل اليمين إمّا لأنهم يعطون كتبهم باليمين بعد الخروج من النار أو قبلها فرقا بينهم وبين الكفرة كما قيل فإن قيل: إنهم يعطونها بالشمال فتميز الكفرة بكونه من وراء الظهور كما مرّ، وهو الظاهر فتدبر. قوله:(إلى عشيرته) التفاسير على أنّ الأهل بمعنى الأقارب كما في الأوّل أو القوم مطلقاً كما في الثاني أو الزوجة كما في الثالث ومن لم يفهمه اعترض بأنه لا وجه للترديد فيه. قوله:(يتمنى الثبور) فالدعاء بمعنى الطلب وخصه بالتمني لاستحالته في الواقع بعد تقرير الخلود، وقوله: ويقول الخ إشارة لكيفية تمنيه فإنّ نداء ما لا يعقل يراد به التمني فسقط ما قيل من أنّ الدعاء إمّا بمعنى طلب التمني أو هو طلب بالنداء فكان عليه أن يعطفه بأو فتأمّل. قوله:(وقرئ ويصلي الخ) هو بضم الياء من الأفعال، وما قبله من التفعل والتصلية الإحراق وأمّا من الصلاة فنادر غير مشهور وإن سمع ونقله أهل اللغة، وقوله: في القاموس لم يسمع خطأ وإن تبعه كثير، وقوله: في الدنيا قيد مبين للمراد بقرينة خارجية أو هو تفسير لقوله: في أهله باعتبار لازمه، وقوله: بطراً بالمال الخ بيان لمعنى سروره في أهله على وجه يكون به ذماً له، وقوله: فارغاً عن الآخرة هو معناه اللازمي فهو كناية عنه. قوله:(لن يرجع إلى الله تعالى الإنكاره البعث وأمّا كونه بالموت فلا وجه له والحور معناه الرجوع، وخص بما ذكر بقرينة المقام، وقوله: إيجاب لما بعد لن ومعناه يرجع فيبعث ويجازي كما دلّ عليه قوله: إنّ ربه الخ وقوله: عالماً تفسير لقوله: بصيراً،
وقوله: فلا يهمله الخ هو المراد منه بطريق الكناية وقد مرّ مرارا. قوله: (فلا أقسم) الفاء في جواب شرط مقدّر أي إذا عرفت هذا أو إذا تحققت الرجوع بالبعث فلا الخ، وقوله الحمرة الخ هذا هو المعروف حتى قيل: إنّ أبا حنيفة رحمه الله رجع عن كونه بمعنى البياض وقوله: سمي به هو على الوجهين، وقوله: من الشفقة وهي رقة القلب بالترحم والانعطاف، وفي الكشاف ومنه الشفقة وهما متقاربان لأنّ المراد الأخذ أو الاشتقاق الكبير وكل منهما مأخوذ من الآخر إلا أنّ المصنف لشهرة الشفقة جعلها أصلا، والزمخشريّ لأنها رقة معنوية جعلها فرعا للحسية وهو الأظهر ثم إنّ ما أقسم به مناسب للمقسم عليه لما فيه من الانتقال من حال إلى آخر. قوله تعالى:( {وَمَا وَسَقَ} ) ما فيه تحتمل الموصولية والمصدرية، وقول المصنف وما جمعه على أنها موصولة عائدها مقدر، وأصل الوسق الجمع ولذا قيل وسق للحمل المعروف لاجتماعه على ظهر البعير فأريد به هنا ما ستره الليل بظلمته لأنه لاشتمال ظلامه عليه كأنه جمع فروعا منه، وقوله: فاتسق الخ يعني أنّ افتعل واستفعل بمعنى وكل منهما مطاوع فإنهما وردا كذلك في كلام العرب كما بيته الزمخشري. قوله: (مستوسقات الخ (هو عجز بيت من الرجز وهو: