والمراد الياب! هنا على أنه من استعمال المقيد بمعنى المطلق، وأمّا الأحوى فصفة من الحوّة، وهو السواد فلذا جاز فيه أن يكون بمعنى أسود لأنّ النبات إذا يبس اسودّ فهو صفة مؤكدة للغثاء، وأن يراد به أنه طريّ غض شديد الخضرة لأنّ الأخضر يرى في بادى النظر كالأسود وينبني على المعنيين إمحرابه وأنه صفة غثاء أو حال من المرعى أخر للفاصلة وإليه أشار بقوله: أي أخرجه، ولما فيه من التقديم والتاخير أخرجه ومرضه المصنف. قوله:(على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام) فالإسناد مجازي، وقوله: قارئا بإلهام القراءة الظاهر أنّ المراد به هنا أحد أقسام الوحي في القرآن كما ورد في حديث البخاريّ، وآونة كصلصلة الجرس وهو أن يلحقه شيء كالغشي، ويسمع صدى يقر في قلبه بألفاظ ملهمة له مثبتة في صحائف حفظه المشرّفة فيندفع عنه ما قيل: إنّ صيرورة الرسول قارئا بغير واسطة جبريل خلاف ما اشتهر في الدين ولم يقل به أحد، وأمّا كونه إشارة إلى ما روي عن جعفر الصادق من أنه كان يقرأ الكتابة ولا يكتب، وأنّ قوله: فلا تنسى لنفي مطلق النسيان عنه امتناناً عليه بأنه أوتي قوّة الحفظ كما قيل فمع بعده يأباه فاء التفريع. قوله: " ية أخرى) أي كما أنّ القرآن نفسه آية أخرى، وقوله: الإخبار به اًي بقوله: فلا تنسى لأنه أمر مستقبل مغيب عنه حين النزول، وقوله: وقيل نهي عطف بح! سب المعنى على ما قبله لأنه علم منه أنه خبر عما يستقبل ولما كان في النهي مجزوما بحذف آخر.، وقد أثبت هنا دفعه بأنّ آخره حذف للجازم والألف المذكورة للإطلاق في الفاصلة، وهو جائز ولما كان هذا خلاف الظاهر والنسيان ليس بالاختيار فلا ينهى عنه إلا أن يراد به مجازاً ترك أسبابه الاختيارية أو ترك العمل بما تضمنه، وفي ذلك ارتكاب تكلفات من غير داع لها ضعفه وأمّا كونه مخالفا لقوله:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[سورة القيامة، الآية: ٦ ا] الآيات فليس بشيء كما لا يخفى، وقد أورد عليه أنّ رسمه بالياء يقتضي أنها من البنية لا للإطلاق وكون رسم المصحف مخالفاً للقياس تكلف آخر وأمّا القول بأنّ مراده بأنّ ألفه لم تحذف للجازم فتحميل الكلام ما لا يطيقه، وأحسن منه أن يقال: رسمت ألف الإطلاق ياء لمشاكلة غيرها من الفواصل، وموافقة أصلها مع أنه قيل أيضا: إنه عند الإطلاق تردّ المحذوفة كما صرّح به الإمام المرزوقي ولو قيل: إنه خبر أريد به النهي كان أقوى وأسلم، وقوله: أصلاً في شرح المفتاح الشريفي إنه منصوب على المصدربة أي افتفاء بالكلية، وقيل: إنه تمييز محوّل
عن الفاعل أي انتفى أصله وكذا قوله: رأساً بعده. قوله:(بأن نسخ تلاوته) فالنسيان كناية عن النسخ لأنّ ما لم ينسخ تلاوته من شأنه أن يتلى فيحفظ وغيره يترك فينسى فظهر فساد ما قيل من أنّ النسخ لا يوجب النسيان. قوله:(وقيل المراد الخ) ذكر فيه أربعة أوجه مبنية على أنّ الاستثناء حقيقي أو مجازي بأن يكون بمعنى القلة لأنّ المخرج في الاستثناء أقل من إلباقي ولأنّ ما شاء الله في العرف يستعمل للمجهول فكأنه قيل: إلا أمراً نادرا لا يعلم فإذا دل مثله على القلة عرفاً، والقلة قد يراد بها النفي في نحو قل من يقول: كذا مجازاً أريد بالاستثناء هنا ذلك وهذا هو الوجه الثالث والرابع المبني على التجوّز في الاستثناء فان كان على حقيقته فالنسيان إمّا بمعناه المتعارف أو بمعنى نسخ الحكم والتلاوة، والحديث المذكور صحيح رواه البخاريّ، وغيره وكانت الصلاة صلاة الفجر فإن قلت: لا ينسى النبيّ صلى الله عليه وسلم رأساً وهذا الحديث مناف له ولا يلائمه قوله: فلا تنسى لأنه لا يكون الاستثناء من النفي نفياً بل هو إثبات والحمل على التأكيد بعيد قلت: أجاب عنه بعض شراح الكشاف بأنه على هذا من قبيل قوله: ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم
والمعنى فلا تنسى إلا نسيانا معدوما، وهو النسيان المتعلق به مشيئة الله أن يكون هذا النسيان نسيانا إلا أنه لا يقرّ على النسيان فيما كان من أصول الشرائع والواجبات، وقد يقرّ على ما ليس منها أو منها وهو من الآداب، والسنن كما ذكره الإمام هنا. قوله:) ما ظهر من أحوالكم) تفسير للجهر فليس المراد به معناه المعروف المخصوص بالأقوال بل الأعم بقرينة مقابله، وقوله: وما بطن تفسير لقوله: وما يخفى فهو على هذا تاكيد لجميع ما تقدّمه وتوطئة لما بعده، وقوله: أو جهرك الخ فما ظهر بمعناه الحقيقي، وقوله: وما دعاك إليه أي إلى الجهل تفسير لقوله: وما يخفى فهو على هذا تأكيد لقوله: سنقرئك فلا تنسى وقوله: فيعلم ما فيه الخ هو متفرع