راجع له ما عدا قوله:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} ولا وجه له ولا حاجة في العربية لمثل هدّا التدقيق بل التضييق، والجزء من حيث هو مستقل مغاير له من حيث هو في ضمن الكل، ولذا قال الكرماني: الجزء قد يجعل علماً للكل كما يقال: قرأت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي السورة كلها. قوله:(فخمه بإضماره) أي بالتعبير عنه بضمير الغائب الذي لم يذكر قبله في السورة ما يعود عليه والضمائر المذكورة هنا كلها للقرآن غير الضمير في قوله إليه، بقوله: فإنه لله والتفخيم بمعنى التعظيم هنا وأفاد ما ذكر تعظيمه لأنه يشعر بأنه لعلوّ شأنه كأنه حاضر عند كل أحد فيعود الضمير على ما هو في قوّة المذكور، والنباهة الشهرة والشرف، وقوله: عظم الوقت معطوف على قوله: عظمه أو أسند أو فخمه ولا بعد فيه، وفي الكشاف عظم القرآن من ثلاثة أوجه أحدها: إنه أسند الدال إليه وجعله مختصاً به دون غيره، والثاني: إنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه، والثالث: الرفع من مقدار الوفت الذي أنزل فيه، أن وقال الشراح في قوله: مختصاً به إنه من باب تقديم الفاعل المعنوي نحو أنا كفيت مهمك وردّه الفاضل اليمني بأنه إنما يصح في الضمير المنفصل إمّ المتصل كما في اسم إن هنا فلا يصح فيه ذلك فالحصر هنا ليس من التقديم كما توهموه بل من سياق الكلام ومفهومه، وكان المصنف لهذا لم يتعرّض للاختصاصر، لا لأنّ الاختصاص لردّ اعتقاد غيره وهو
غير ظاهر لأنه لا يلزم في كل حصر ما ذكر كما ذكره أهل المعاني، وفيما ذكر. الفاضل أيضا بحث فإنهم لم يصرّحوا باشتراط ما ذكر فتدبر. قوله:(كما عظمه بأن أسند إنزاله إليه) بضمير العظمة لأنّ ما يصدر عن العظيم عظيم فلا يتوهم أنه إنما يفيد عظمة المتكلم دون غيره، وما قيل إنّ المراد أنه أسند إلى ذاته الجليلة المعبر عنها بصيغة العظمة على طريق القصر إلا أنه اكتفى بذكر الأصل عن ذكر التبع انتهى لا وجه له لما عرفت من أن كلام المصنف لا يدل على ما ذكر بل على خلافه. قوله تعالى:( {وَمَا أَدْرَاكَ} الخ) عن سفيان بن عيينة أنّ كل ما في القرآن من قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ} أعلم الله به نبيه صلى الله عليه وسلم وما فيه من ما يدريك لم يعلمه به ووجهه ظاهر، وقوله: بأن ابتدأنا لإنزاله الخ فيه نظر لأنّ أوّل ما نزل من الآيات اقرأ أو كان بحراء نهارا ولذا ذكرت هذه السورة بعد تلك، ولم ينقل نزوله في رمضان ليلاً، وابتداء البعثة لم يكن في رمضان فانزلناه فيه على هذا تجوز في الإسناد لإسناد ما للجزء للكل أو أنزلنا بمعن أبتدأنا فهو مجاز في الطرف أو تضمين، وقوله: أو أنزله الخ هو الأصح والسفرة الملائكة كما مرّ وقوله في ثلاث وعشرين سنة وهي مدة إرساله صلى الله عليه وسلم إلى ارتحاله لدار البقاء، وقوله: خير من ألف شهر المراد به المبالغة في تفضيلها على غيرها مطلقا، وقيل: المراد ألف شهر ليس فيها ليلة قدر حتى لا يلزم تفضيلها على نفسها فتأمّل. قوله:(وقيل المعنى أنزلناه في فضلها) ففيه مضاف مقدر أي في فضل ليلة القدر أو في بيانها أو حقها أو الظرفية مجازية كما في قول عمر رضي الله عنه خثيت أن ينزل فيّ قرآن ومثله كثير ففيه استعارة تبعية، وقيل: في فيه مستعارة للسببية والضمير للقرآن بالمعنى الدائر بين الكل والجزء وبمعنى السورة ولا يأباه كون قوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} من السورة كما توهم لما مرّ، وبجوز أن يراد به المجموع لاشتماله على ذلك فتدبر. قوله:(وهي في أوتار العشر الأخير الخ) كونها في العشر الأخير من رمضان وفي سابعه أشهر أقوال السلف وقد ورد في الحديث، وقيل: إنها تنتقل فتكون في كل سنة في ليلة وبه جمع بين الأحاديث المتعارضة فيها، وقيل: هي معينة لا تنتقل وقيل: هي في السنة كلها، وقيل: في رمضان كله وقيل: في العشر الأوسط، وقيل: في أوتاره وقيل: في أشفاعه، وقيل:
إنها لم تعلم لأحد، وقيل: إنها رفعت وقال الكرماني: إنّ هذا القول غلط قيل: وحكمة كونها في العشر الأخير أنه زمان ضعف فيزيد أجر عمله وقيل: إنه يتمّ فيه التصفية فيستعدّ الصائم لها فيه. قوله:(والداعي الخ) يعني أنه على القول بأنها أخفيت حكمة إخفائها كحكمة إخفاء ساعة الإجابة في الجمعة والاسم الأعظم من بين الأسماء، وهو أن لا يعلمها كل أحد ويجتهد من يطلبها في العبادة في غيرها ليصادفها كان يحيي ليالي رمضان كلها كما كان دأب السلف. قوله:(ولعلها السابعة. منها) أي من ليالي العشر الأخير لعلامات دلت على ذلك ولأحاديث صحيحة وردت فيها قيل وفي السورة إشارة لذلك لأنّ ضمير هي لليلة القدر، وهي سابعة عشرين من الكلمات الواقعة