للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وان لم يكن الرامي في الحرم على ما ستسمعه إن شاء الله تعالى مفصلا في سورة الأنعام فالعلامة في الكشاف ارتضى الأوّل وجعل ما خالفه مجازا وقياسه مع المتعدّي قياس مع الفارق لأنّ المفعول مظروف حقيقة وان كان لك أن تقول إنه حقيقة عرفية، وفي كلامهم إيماء إليه، وقد يقال إنه لذلك تركه المصنف رحمه الله تعالى، وقياس البيت والبلد على الحول إذا كان بمعنى الإحاطة والجهات غير ظاهر، وقوله على الظرف قيل إنّ تخصيص الإضاءة بما حول المستوقد في الوجهين الأوّلين ظاهر لأنها لا تتعلق بمحل المستوقد وأمّا على الظرفية فغير ظاهر، وليس بشيء لأنّ نحله نفسه على كل حال لا تتعلق به الإضاءة كما قال الشاعر:

وشمس تضيء الأرض شرقاً ومغربا وموضع رجل منه في البيت مظلم

وفيه نكتة لطيفة، وهي الإشارة إلى أنه بنفسه مظلم ظالم لنفسه غير قابل للأنوار الإلهية. قوله: (وقيل للعام حول لآنه يدور) يعني أنّ أصل هذا التركيب من الحاء وما بعدها موضوع للطواف، والإحاطة كالحول بمعنى السنة فإنه يدور من الفصل الذي ابتدأ منه إلى مثله ولما لزم ذلك الانتقال والتغير استعمل فيه بإعتبار. كالإستحالة والحوالة، وان خفي في بعض الموادّ كالحول بمعنى القوّة وهذا مسلك لبعض أهل اللغة ارتضاه العلامة وتبعه المصنف.

وقال الراغب: أصل الحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره وباعتبار التغير قيل حال الشيء يحول حولا واستحال تهيأ لأن يحول وباعتبار الانفصال، قيل: حال بيني وبينكم كذا اهـ والعام في تقدير فعل بفتحتين، ولذا جمع على أعوام مثل سبب وأسباب، وقال ابن الجواليقي عوام الناس لا تفرق بين العام والست، فيقولون لأفي وقت من السنة إلى مثله عام، وهو غلط والصواب ما قال ثعلب من أنّ السنة من أفي يوم عددته إلى مثله، والعام لا يكون إلا شتاء وصيقاً، وفي التهذيب أيضاً العام حول يأتي على شتوه وصيفه، وعلى هذا فالعام أخص من السنة فكل عام سنة وليس كل سنة عاما فإذا عددت من يوم إلى مثله فهو سنة، وقد يكون فيه نصف الصيف ونصف الشتاء والعام لا يكون إلأ صيفا وشتاة متواليين كذا في المصباح المنير وحول، وحوال بزنة ظلام وحوالان مثناه وحولان تثنية حول وأحوال جمعه وكلها ظرف مكان سمع منصوبا على الظرفية كما صرّحوا به. قوله: (جواب لما إلخ) قدمه لأنه المتبادر الأرجح عند الأكثر ولأنّ الأصل عدم الحذف، والتقدير ولما حرف وجود لوجود أو وجوب لوجوب أو ظرف بمعنى حين أو إذ لاختصاصها بالماضي فعلى الظرفية الأمر ظاهر إن لم يعتبر فيها المجازاة، وعلى اعتبارها بناء على أنه المعروف فيها يتراءى فيه مانع لفظيّ، وهو توحيد الضمير في استوقد وحوله وجمعه في بنورهم، ومعنويّ وهو أنّ المستوقد لم يفعل ما يستحق به إذهاب الله نوره بخلاف المنافق فجعله جوابا يحتاج إلى التأويل، ولذا أورده الزمخشرفي سؤالا وجوابا والمصنف رحمه الله أشار إلى المانع الأوّل والى أنه كان مقتضى الظاهر أن يقال بنارهم بدل قوله بنورهم، وأمّا العدول عن الضوء إلى النور فلم يتعرّض! له هنا وأخره، وأمّا إسناد الإذهاب إلى الله تعالى فليس بمانع عند أهل السنة فلذا تركه إشارة إلى ابتنائه على الاعتزال، وأشار بقوله وجمعه إلخ إلى جواب الأوّل، ولم يفصله لأته قد سبق ما يغني عنه في بيان إفراد الذي، وأشار بقوله لأنه المراد إلخ إلى اختيار النور على النار لأنه المقصود منها، ولا ينافيه أنه يقصد بها أمور أخر كالإصطلاء (١) والطبخ كما توهم لأنّ هذا أعظم منافعها وأدومها وأشهرها وهو المناسب للتشبيه، والمقام كما يعرفه من تأمل قوله {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ

؟ حاشية الشهاب لم ج ا / م ٣٧.

ظلمات} [البقرة: ١٧] وأمّا حمل النار على نار حقيقية لا يرضاها الله كنار الغواة الموقدة للمعاصي المستحقة للإنطفاء من الله أو النار المجازية كالفتنة كما في قوله تعالى {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ} [المائد ٥: ٦٤] ليظهر التسبب فلا يخفى ما فيه من التكلف، وكذا ما قيل من أنّ الإيقاد سبب لفناء الحطب فتكون الإضاءة المتفرّعة عليه سبباً لإنطفائه. قوله: (أو استئناف أجيب به اعتواض! سائل) المراد بالإعتراض التعرض له فرضاً، وليس بمعنى الإشكال هنا وان جاز، وفي المصباح يقال سرت فعرض لي في الطريق عارض من جبل ونحوه أي مانع يمنع من المضيّ، واعترض لي بمعناه ومنه اعتراضات الفقهاء لأنها تمنع من التمسك بالدليل اهـ، وفيه إشارة إلى أنّ الاعتراض بالمعنى المشهور ليس بلغويّ، وإنما هو اصطلاحيّ، وهذا الوجه رجحه

<<  <  ج: ص:  >  >>