للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزمخشريّ لما فيه من المبالغة، والإيجاز بحذف الجواب، وذهاب النفس كل مذهب مع سلامته عن الموانع السالفة، وبين السؤال المقدر بما ذكره وحاصله السؤال عن وجه الشبه فإنّ مشاركة حال المنافقين لحال المستوقد في المعاني المذكورة غير ظاهرة، وحال المشبه معلومة مما مضى، وحال المشبه به وهو المستوقد مذكورة، فأجيب بأنهم بعدما منحوا الهدى {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} وصيرهم هائمين في الضلالة التي هي ظلمات بعضها فوق بعفر،، ثم لا بدّ للحذف من مجوّز ومرجح على الإثبات الذي هو الأصل، فأشار المصنف إلى الأوّل بأمن الإلباس، وإلى الثاني بالإيجاز وعدل عن قول الزمخشريّ، وإنما جاز حذفه لإستطالة الكلام أي لطوله لما قيل عليه من أنه لا استطالة هنا بخلاف قوله قلما ذهبوا به، وإن دفع بأنّ المراد لولا حذف ذلك الجواب لطال الكلام، وأيضا عد الإستطالة في المرجح أولى من عدّها في المجوز، ودفعه بأنه حاول أن يذكر في كل منهما أمرين ليس بشيء كما قاله قدّس سرّه هذا، وفد قيل إن جعل ذهب الله جوابا أوى لعدم الإستطإلة، ولأنّ كونه من تتمة التمثيل الأوّل يوجب مطابقته للتمثيل الثاني لاشتماله على مبالغات، ومن دأب البليغ أن يبالغ في المشبه به ليلزم منه المبالغة في المشبه ضمناً، والحمل على الإستئناف ضعيف لأنّ السبب في تشبيه حالهم قد علم مما سبق فلا معنى للسؤال عن وجه الشبه، أو تعيين المشبه، وجعله بدلا من جملة التمثيل يدل على أنّ المذكور لفظاً أو في لتأدية الغرضى مما حذف لقصور العبارة عنه، وهو باطل نعم لو قيل ذهب الله ابتداء كلام لبيان حال المشبه لم يكن بعيدا، ولعل ما ذكره المصنف من نكتة الحذف ليس إيثارا له بل إيناساً به، وإزالة لاستبعاده فالوجه هو الأوّل وسيرد عليك من كلامه ما يشعر به، وأجيب بأنّ الحذف لما كان أبلغ كانت المبالغة في المشبه به كثر والتطابق بين التمثيلين أوفر، وأيضاً إذهاب النور، وتركهم في ظلمات يدل على أنه كان لهم نور فزال، وصاروا متحيرين خابطين فتكون المبالغة في الطوفين أمّ في المشبه به فبالحذف، وأمّا في المشبه فباللفظ وهذا أوفى بتأدية الغرض الذي هو بيان حال المنافؤين وقيل إنّ قول المصنف رحمه الله شبهت حالهم إلخ معنا، أنّ له حالين

الأولى إنطفاء ناره بالكلية بحيث لا يبقى لها أثر، والثانية إنطفاؤها مع بقاء الأثر ففي أيّ الحالتين شبه المنافقون بالمستوقد فكأنه قيل في الأولى حيث ذهب الله بنورهم إلخ فإنّ الميالغات التي فيه تفيد عدم بقاء الأثر فيكون هذا الاستئناف مما يكون السؤال فيه عن أمر غير سبب الحكم هو وجه الشبه أو المشبه، ومما حذف فيه الاسنئناف كله مع قيام شيء مقامه قوله:

زعمتم أنّ أضص تكم قريش لهم ألف وليس لكم آلاف

فعلم من هذا أنّ وجه الشبه أو المشبه لم يعلم على التعيين مما مرّ، وأنّ حذفه وجعل المذكور استئنافا أبلغ من كونه جوابا لما فيه من بيان حال المشبه بوجهين يوجبان الأبلغية الإجمال والتفصيل، والتصريح بالمبالغة بدون اكتفاء بما في ضمن المبالغة في المشبه به فيطابق التمثيل الثاني بل يكون أبلغ فلا يرد عليه ما في الكشف من الاعتراض! .

(أقول) وبالله التوفيق كون الجواب أرجح كما أشار إليه المصنف بتقديمه بأنّ المهم المقدم وارتضاه المدقق مما لا يخفى على من له إنصاف وتطابق التمثيلين وجريهما على نهج فيه أظهر من الشمس، وكل ما ارتكبوه في ردّه على طرف الثمام، والمرجح المذكور معارض بما فيه من الحذف الذي هو خلاف الأصل وبما فيه من الإلباس لاحتمال قوله {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} غيره بحسب الظاهر المتبادر وقرينة جمع الضمير خفية فالحق الحقيق بالقبول ما في الكشف فإنه غنيّ عن الكشف، وكيف يتعين بما ذكر المراد من أنه لم يبق له أثر، وهذا إنما يتضح لو قيل بنارهم بدل بنورهم. قوله: (أو بدل من جملة التمثيل إلخ) معطوف على قوله جواب لما وقد سمعت آنفاً ما في الكشف في البدل فليكن على ذكر منك إذ لا فائدة في الإعادة، والذي يهمنا هنا بيان ما يتعلق به غير ذلك، وإنما قال: المصنف على سبيل البيان إلف رة إلى أنّ المبدل منه ليس في نية الطرح كما اشتهر في أمثاله فهذا معتبر أيضا لأنّ المصرّح به في التمثيل حال المشبه به، وأردفه بالتصريح مجال المشبه على هذا التقرير، ولذا قيل إنه بدل كل والبيان لازم، ولذا جعل بعض المحققين عطف البيان

<<  <  ج: ص:  >  >>