للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كله بدل كل وهو في الجمل التي لا محل لها يفيد مفاد المبدل منه فيبينه ويؤكده، وهذا بناء على أنّ المراد بالبدل بدل الكل في الكل، والظاهر أنه بدل بعض لأنّ جملة التمثيل من قوله مثلهم إلى قوله حوله مشتملة على حال المشبه والمشبه به، وهذه الجملة مقصورة على الثاني فكونها بدل أقرب إن قلنا بجريانه في الجمل ولا يلزمه الضمير لأنه شرط بدل البعض، والاشتمال في المفردات دون الجمل لعدم صلاحيتها لذلك باقية على أصلها، وقيل إنه بدل اشتمال لأنّ الغرض بيان حال المنافقين من ظهور نورهم حالاً، ثم اضمحلاله مآلاً، وظاهر أنّ هذا أوفى بتأدية الغرض من ذلك فهو بمنزلة:

أقول له ارحل لا تقيمن عندنا

فسقط اعتراض! صاحب الكشف السابق على ما في الكشاف، وقد قدمنا لك أيضاً ما زعمه أبو حيان في ردّ البدلية من أنّ انفعلية لا تبدل من الاسمية اتفاقا، وقيل إنّ الجملة الأولى لا محل لها والبدل تابع معرب بإعراب سابقه فلا تصح البدلية، ورد ما ذكره رواية ودراية من غير حاجة إلى الالتجاء إلى أنّ المراد بالبدل هنا ليس هو البدل النحوي بل أن تكون الجملة الثانية مفسرة، وموضحة للأولى قائمة مقامها في الجملة فتحصلى لك في البدل احتمالات أربعة. قوله: (والضمير على الوجهين للمنافقين) أي على أنه استئناف أو بدل وجواب لما محذوف وتقديره إنطفأت أو خمدت وقد مرّ بيانه وشرح ما ذكره المصنف هنا من المجوّز والمرجح، ووجه عدوله عما في الكشاف من الإستطالة إلى الإيجاز والإعتراض عليه بأن تبادر الجوابية من جملة ذهب إلخ موقع في الإلباس، حتى قال أبو حيان أنه الغاز وهو مدفوع بأنّ ضمير الجمع قرينة على أنه راجع للمنافقين المشبه وهو يقتضي أن لا يكون جواباً، فإن قلت إن سلم هذا اقتضى أن لا يصح كونه جوابا، وهو لأرجح عند المصنف رحمه الله، قلت القرينة لا يلزم أن تكون قطعية ولذا تراهم يجوزون تقادير مختلفة في تركيب واحد من غير نكير، ولذا قالوا في نكتة الحذف هنا أنها إيهام أنّ الجواب مما تقصر عنه العبارة لأنّ ما قدروه أمر غير متعين وأتى المصنف رحمه الله له بنظير من القرآن المجيد، وان كان ثمة الإستطالة ظاهرة لأنه عنده مثبت للحذف لأجل الإيجاز فتدبر. قوله: (وإسناد الإذهاب الخ) عبر بالإذهاب الذي هو مصدر المزيد والمذكور في النظم ذهب إشارة من أوّل الأمر إلى المعنى المراد، وأنه لتعديه بالباء في معنى إذهب كما ستراه.

وفي الكشاف فإن قلت فما معنى إسناد الفعل إلى الله تعالى في قوله {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}

قلت إذ! طفئت النار بسبب سماويّ ريح أو مطر فقد أطفأها الله تعالى، وذهب بنور المستوقد، ووجه آخر وهو أن يكون المستوقد في هذا الوجه مستوقد نار لا يرضاها الله، ثم إمّا أن تكون ناراً مجازية كنار الفتنة والعداوة للإسلام وتلك النار متقاصرة مذة اشتعالها قليلة البقاء، ألا ترى إلى توله {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ} [المائدة: ٦٤] وأمّا ناراً حقيقية أوقدها الغواة ليتوصلوا بالإستضاءة بها إلى بعض المعاصي، ويتهدّوا بها في طرق العيث فأطفأها الله وخيب أمانيهم، وإنما أوردناه برمته لتعلم مراده ومراد المصنف رحمه الله فتتحقق الفرق بينهما، وقد ذهب اكثر إلى أن السؤال على تقدير كونه جواب لما وأنه لدفع المانع المعنويّ الذي قرّرناه اوّلا وأنه مبنيّ على الاعتزال وقاعدة الحسن والقبح لأنّ إطفاء نار المستوقد عبث والعبث عندهم قبيح والوجوه ثلاثة والإسناد. على الأوّل منها مجازقي لكونه المسبب في الريح والمطر، وقال المحقق إنه من قبيل أقدمني حق لي على فلان وهناك قدوم بلا إقدام، وفائدة الإسناد المب لغة في الإذهاب وعلى الئاني فالمراد كما قاله قدس سرّه مستوقد

نار لا يرضاها الله، وإطفاؤها ليس قبيحاً، وسواء كان! ت النار مجازية أو حقيقية فالإسناد حقيقيّ، فإن قيل المنافق مستوقد نار الفتنة والعداوة مع ما ذكر من الإضاءة فلا معنى للتشبيه، قيل: هذا المستوقد أعئم وقيل: إنه لا حاجة في توجه السؤال إلى أنّ ذلك الإذهاب قبيح مانع من صحة الإسناد عنده بل يتجه بمجرّد أنّ. الإذهاب عادة يقع بالأسباب بل قبحه علئ- رأي المعتزلة محل مناقشة إلأ أنّ تقريره للجواب الأخير يشعر باعتبار القبح في السؤال، والأظهر في الجواب أن يقال لا حاجة في تمثيل حال المنافقين إلى تحقق الإذهاب من الله تعالى لنورهم إذ يكفي فيه الفرض! والتقدير؟ وعدم رضا الله تعالى بإستيقاد النار لا يلائم التمثيل، والحق في الجواب عن اعتبار التشبيه في نار الفتنة أنهم لم يوقدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>