للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جواز التفريق، وتلخيصه أنه اعتبر في المستوقد السعي في إيقاد النار والكدح في إحيائها وحصول طرف من الإضاءة المطلوبة وزوالها بإنطفاء النار بغتة، كما يدل عليه فلما، ولذا قال إستضاؤا به قليلا واعتبر في المنافق القصد إلى إدعاء الإيمان واجراء الكلمة على اللسان، وحصول منافع الأمن والأمان د رانتفاء ذلك دفعة بالموت، ووقوعهم في

ظلمات متراكمة فإن لوحظ في كل واحد من الجانبين هيئة وجدانية ملتئمة من تلك المعاتي المتعدّدة كان مركبا، ووجهه ما ذكر، وان قصد تشبيه كل واحد من تلك المعاني بما يناظره كان مفرقا لا يحتاج وجهه إلى بيان، فإن قيل ظلمة النفاق مجامعة للإستضاءة بنور هذه الكلمة لا متعقبة لها، قيل من إلا أنها تمخضت بعد الانتفاع فلذلك حكم بتعقبها منضمة إلى ظلمتين أخريين، والوجه الثاني لا يخالف الأول تركيباً وتفريقا إلا فيما بإزاء ذهاب الله بنور المستوقد فالتورط حيسئذ هو الوقوع في حيرة الفضوح والخيبة، وكذا الثالث إلا أنّ المشبه هنا لإذهابه هو خذلانهم في نفاقهم فطبع على قلوبهم فوقعوا في حيرة، وبعد عن نور الإيمان، وإنما كان أوجه لأنّ ما بده من خواص أهل الطبع، ومحصول الأوّل أنهم انتغعوا بهذه الكلمة مدة حياتهم القليلة، ثم قطعه الله بالموت فوقعوا في تلك الظلمات، ومحصول الثاني أنهم استضاؤا بها مدة، ثم اطلع الله على أسرارهم فوقعوا في ظلمات إنكشاف الأسرار والافتضاح والإتسام بسمة النفاق، ومحصول الثالث أنهم انتفعوا بها فخذلهم الله حتى صاروا مطبوعين واقعين في ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض والثلاثة متعلقة بكونه تمثيلا لجميع أحوال المناقين السابقة، والوجه الرابع على تقدير تعلقه بقوله إشتروا الضلالة، وبينه على التفريق وكونه جواب لما ووجه الشبه على التفريق ظاهر وعلى الوجه المختار، وهو التركيب ما ذكر السكاكيّ كما سمعته آنفا وقول القطب الرازي: في شرحه هنا، وأمّا وجه التشبيه فهو اسم الإضاءة والظلمة أي كما أنّ في حال المستوقد ما يسمى إضاءة وظلمة كذلك في حال المنافقين ما يسمى إضاءة وظلمة ووقوع الاسم في أحدهما بانحقيقة وفي الآخر بالمجاز غير قادح في اشتراك الاسم. وأعلم أنّ لهذا التشبيه إجمالا وتفصيلاً، والإجمال هو تشبيه الحال بالحال مطلقا، وهو تشبيه مفرد بمفرد، وهو المعتبر هنا وامّا تفصيله فهو تشبيه أحوالهم بأحواله، وهو إمّا مفرق أو مركب، وقد قيل عليه إنه لا معنى للتشبيه المركب إلأ أن تنزع كيفية من أمور متعددة فتشبه بكيفية أخرى كذلك فيقع في كل من الطرفين عدّة أمور ربما يكون التشبيه فيما بينها ظاهرا لكن لا يلتفت إليه بل إلى الهيثة الحاصلة من المجموع كما في قوله:

وكأنّ أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق

ويكون التشبيه مركبا، وأمّا حدث كون وجه الشبه هو اسم الإضاءة والظلمة على الوجه

الذي ذكر فلا أزيد فيه على الحكاية لعلماء لبيان، وهم لا يزيدون على التعجب والسكوت. أقول: التشبيه إذا ذكر طرفاه بمفردين يدلّ، كل منهما على أمور متعدّدة كالقصة والحال

ولفظ المثل هنا إن نظر إلى ظاهره فهو تشبيه مفرد بمفرد كقولنا الدنيا خيال باطل، وان نظر إلى ما اشتملا عليه كان تشبيه مركب بمركب بحسب الظاهر ويجوز أن يعتبر فيه التفريق على اللف والنشر الإجمالي فإن رجح هذا لم يمنع الأوّل، ولا يخطأ من ذهب إليه، فإن قصد الفاضل ردّ قوله إنه تشبيه مفرد بمفرد لم يسمع منه، وان ذهب الشرّاج إلى خلافه وأمّا ما تعجب منه

واستهزأ به فقد يقال إنّ مراده أنّ قوا، ذهب الله بنورهم إذا كان بخواب سؤال مقدر عن وجه الشبه بأنه الإضاءة والظلم فذلك غير مشترك بين الطرفين هنا لأنّ الحقيقيين يختصان بالمستوقد، والمجازير بالمنافقين، وهذا ما ذكره أهل المعاني كما مرّ من أنهم قد يتسامحون في وجه الشبه كقولهم في الكلام الفصيح هو كالعسل في الحلاوة، مع أنّ الحلاوة غير مشتركة بينهما والمشترك ميل الطباع فعبر عنه بالحلاوة لإطلاقها على ذلك إطلاقا شائعاً، وتسمحوا فيه لمجرّد الاشتراك في الاسم وإن كان في أحدهما حقيقة وفي الآخر مجازاً، ومثل الظلمة والنور هنا إذ! كانا وجه الشبه وإذا ظهر المراد سقط الإيراد، واندفع ما قيل عليه من أنه سهو إذ لم يذهب أحد إلى جواز مثل قولك الباصرة كالذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>