للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالفتح فموضع السمع كما في قوله: فأنت بمرأى من سعاد ومسمع. والمسمع هنا كما قال الراغب: خرق الأذن وهو الأنسب بالسد، وفي القاموس والمسمع كمنبر الأذن السامعة، وما قيل المسامع هنا محتمل لأن يكون جمع مسمع بالفتح وهو موضع السمع بمعنى القوّة السامعة عدول عن المعروف في كلام العرب وكتب اللغة من غير داع مع أنه غير ملائم لكلام المصنف رحمه الله تعالى، والإصاخة بصاد مهملة، وألف يليها خاء معجمة الإستماع يقال صاخ له وأصاخ إذا استمع وهو متعدّ باللام ولمصنف عداه بإلى لما فيه من معنى الميل وقوله ينطقوا به ألسنتهم مضارع من الإنطاق كما في قوله {أَنطَقَنَا اللَّهُ} [فصلت: ٢١] أي جعلنا ناطقين والنطق يضاف اللسان ولصاحبه يقال نطق زيد أو لسانه وكلاهما حقيقة لغة، والألسنة كأرغفة جمع لسان وهو الجارحة المعروفة، ويتبصروا من التفقل معطوف على ينطقوا. قوله: (جعلوا كأنما ايفت إلخ) جواب لما وهذا هو الذي في النسخ الصحيحة باتصال ما الكافة بكأنّ المشبهة، وهو الموافق لما في الكشاف، وفي بعضها كأنها بضمير المؤنث والأولى أكسح رواية ودراية، وهذه تحريف من الناسخ والضمير للقصة أو المشاعر، وإنما قال كأنّ لأنها ليست مؤفة لكنها لما لم تستعمل فيما خلقت له جعلت بمنزلة المؤف، والمشاعر جمع مشعر بفتح الميم وكسرها موضع الشعور أو اكته والمراد بها الحواس الظاهرة وايفت مجهول آف كقال وقيل: إذا أصابته آفة وفي القاموس الآفة العاهة أو عرض مفسد لما أصابه وأيف الزرع كقيل إصابته فهو مؤف، ومئيف على خلاف القياس لأنّ فعله لازم، وفي أفعال السرقسطيّ آف القوم أو فأدخلت عليهم مشقة، ويقال في لغة ايفوا وقال الكسائيّ: طعام مؤف أثابته آفة وأنكر لو حاتم مؤفا اهـ. وفيه كلام في كتابنا شرح الدرّة. قوله: (وانتفت قواهم) القوى بالضم جمع قوّقة كغرفة وغرف، وهي في الأصل ضد الضعف وهي معنى تصدر به الأفعال الشاقة عن الحيوان، وهذا المعنى له مبدأ ولازم فمبدؤه القدرة وهي كونه بحيث إن شاء فعل وان شاء ترك واللازم الإمكان، ثم نقلت في

اصطلاح الحكماء والمتكلمين إلى كيفية راسخة هي مبدأ التغير من آخر في آخر وقسموها إلى أنواع معروفة عندهم، ومنها القوى النفسانية وهي محرّكة ومدركة والمدركة مدركة في الظاهر وهي مبدأ الحواس الخمس الظاهرة، ومدركة في الباطن كالحس المشترك وهي أيضاً خمس ويدخل في المحرّكة القوّة الناطقة التي هي مبدأ التكلم، ولهذا زاد المصنف ما ذكر على ما في الكشاف لأنه قال: كأنما ايفت مشاعرهم وانتقضت بناها التي بنيت عليها لا لإحساس والإدراك لأنّ ما ذكره المصنف رحمه الله شامل للقوّة الناطقة بخلاف ما في الكشاف لخروجه عن الحواس والمشاعر ولذا ذهب شرّاحه إلى أنه عدّ اكة النطق من الحواس، وأدخلها فيها تغليباً، ولك أن تقول إنّ البنا بضم الباء وكسرها وهو ما بني عليه الإحساس، والإدراك هي القوى لأنها أساس للإدراك وغيره فيكون موافقا لكلام المصنف رحمه الله، وإن كان ما ذكره المصنف أظهر فهو لم يقصد الردّ عليه وإنما أوضحه وف! ت! ره وهذا هو الحق وإن أطبق شرّاح الكشاف وأرباب الحواشي على خلافه، فإن قلت كيف يقال إنهم أبوا أن ينطقوا بالحق، وقد كانوا ينطقون به، وإن لم يواطىء قلوبهم كما نطق به قوله تعالى {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا} إلخ ولذا عدوا منافقين، قلت قد قيل: النطق لا ينافي الإباء لأنه يجامع ارتكابه اضطراراً فيصح سلب الإنطاق مع النطق، والأحسن أن يجعل قوله بكم بيانا لأنّ تكلمهم بالحق في حكم العدم فهم ملحقون بمن لا يقدر على النطق رأسا، والحق أنّ الحق شامل لكل حق وهم ساكتون عن أكثره فلا حاجة لشيء مما تكلفوه.

وفي إطلاق المشاعر، والقوى تنبيه على أنّ ما ذكر من الصمم والبكم، والعمى على سبيل الاختصار في البيان والاعتماد على تنبه السامع والمراد أنه كناية عن اختلال جميع المشاعر والقوى، وتقديم الصمم لأنه إذا كان خلقياً يستلزم البكم وأخر العمى لأنه كما قيل هنا شامل لعمى القلب الحاصل من طرق المبصرات والحواس الظاهرة، وهو بهذا المعنى متأخر لأنه معقول صرف ولو توسط حل بين العصا ولحائها ولو قدم لأوهم تعلقه بلا يبصرون، أو الترتيب على وفق حال الممثل له لأنه يسصع أوّلاً دعوة الحق، ثم يجيب ويعترف، ثم يتأمّل ذلك ويتبصر. قوله: (كقوله صم إلخ) وهو من قصيدة لقعنب ابن أمّ صاحب أحد بني عبد

<<  <  ج: ص:  >  >>