للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الله تعالى إذا نزله أشرقت عليه أنواره فإذا ادّعى المحبة انطفأت أنواره، ووقع في تيه الحيرة، والمحبة عندهم هي الابتهاج بحصول كمال أو تخيل، وصول كمال مظنون، أو محقق والابتهاج عجب يضله عن طريق الهدى فيدخل فيمن اشترى الضلالة بالهدى لإدّعائه الوصول لمقام أعلى من مقامه، وهو مضاه للنفاق بإظهاره ما ليس عنده وهذا مأخوذ من تفسير الراغب، وهو محكيّ عن أبي الحسن الورّاق. قوله: (أو مثل لإيمانهم إلخ) هذا هو الوجه الثاني، وهو محصل الوجوه المذكورة في الكشاف كما عرفته، وهو

معطوف على قوله مثل ضربه الله إلخ وهو على هدّا مخصوص بالمنافقين لما مرّ وهذا الوجه أخرجه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو التفسير المأثور والراجح دراية ورواية فلذا اقتصر عليه في الكشاف والاختصاص المذكور هو الفارق بين هذا الوجه، وما قبله لا أنّ التشبيه فيما قبله مركب وفي هذا مفرق كما قيل لأنه مركب عنده كما مرّ وان كان هذا محتملاَ، واعادة اللام في قوله: ولذهاب توهمه كأنه الدعي لهم على ما قالوه فعلى هذا مثل إيمان المنافقين الذي أظهروه لإجتناء ثمراته المذكورة بنار ساطعة الأنوار، وذهاب آثاره بإهلاكهم وتفضيحهم بإطفاء النار، وفقد تلك الأهوار وحقن الدماء صيانتها، ويقابله إهدارها واباحتها من حقنت الماء في السقاء إذا جمعته فكأنك جمعت الدم في صاحبه إذ لم ترقه فهو مجاز غلب استعماله حتى صار حقيقة فيه، ومنه الحقنة في الدواء، فإن قيل المنافقون من أهل المدينة ودماؤهم كانت محقونة وأموالهم وأولادهم سالمين لكونهم من أهل الذمة، قيل: المراد الحقن والسلامة مآلا أيضاً كما إذا ذهبوا إلى دار لحرب فاستولى عليها المسلمون، وظاهره أنه لم يحقن دمهم حالاً، ولا في المدينة وليس كذلك لأنهم في حال إظهارهم للإسلام في أوطانهم كفرة باطنا فلولا ما ظهر من إسلامهم استحقوا القتلى بالمدينة لأنه ردّة كما لا يخفى فلا حاجة لما ذكر من التكفف، ولا إلى غيره كأن يقال إنّ مجموع ما ذكر حصل لهم بذلك فلا ينافي كون بعضه قيله لأنّ ما ذكرناه هو المراد، وقوله بالنار متعلق بقوله مثل، ولذهاب معطوف على قوله لإيمانهم، وبإهلاكهم أي بسببه متعلق بذهاب عطف على قوله بالنار بالواو العاطفة لشيئين، أو هو متعلق بمثل مقدر هذا تحقيق المقام بما يضمحل معه كثير من الأوهام، وأمّا ما قيل من أنّ المصنف رحمه الله أدرج في هذا الوجه وجهين مما في الكشاف.

حاصل الأوّل أنهم إنتفعوا بهذه الكلمة مدة حياتهم القليلة، ثم قطعهم الله تعالى بالموت فوقعوا في الظلمات.

وحاصل الثاني أنهم إستضاؤا بها مدة، ثم فشت أسرارهم فوقعوا في ظلمات إنكشاف الأسرار والإفتضاح والإتسام بسمة النفاق، وإنما جعله كذلك قصدا للمبالغة، ويكون المراد بالمثل حينئل! بيان أنهم قممدوا بظاهر الإيمان المنفعة الدنيوية فترتب عليها المضار الدنيوية والأخروية جميعاً الأولى بإفشاء سرّهم المترتب عليه مضرّة إتسامهم بالنفاق، وحرمانهم مما قصدوه وتعيير المؤمنين، والثانية بإهلاكهم حيث ترتب عليه مضرّة فقدان نور يوم يسعى نور المؤمنين بين أيديهم، وابقائهم في العقاب السرمد والدرك الأسفل، والمفهوم من الكشاف ترتب إحدى المضرّتين فتدبر فكم بينهما فلا تتوهم أنه أولى فتخبط خبط عشواء، فهو ردّ على من قال: على المصنف إنّ الأولى أن يجعل ما جعله وجها واحداً وجهين كما في الكشاف الأوّل أنهم انتفعوا بهذه الكلمة مدة يسيرة، ثم قطعهم الله تعالى بالموت فوقعوا في ظلمات البعد عن رحمة الله وسخطه وعقابه، والثاني أنهم إستضاؤا بي مدّة، ثم إطلع تعالى على

إسرارهم فوقعوا في ظلمات الإنكشاف وغيره، وهذا كله بمراحل عما عناه المصنف فإنه شامل للوجوه كلها ولا فرق بينهما إلا بالإيجاز والإطناب، وترك القشر للب اللباب، ثم إنه في الكشاف عقب الوجوه بقوله وتنكير النار للتعظيم، وتركه المصنف رحمه الله تعالى رأساً فكأ: له لم يرتض به لما قيل عليه من إنه ليس في محله وكان ينبغي أن يذكر حيث فسر إستوقد ناراً، وأيضا فالظاهر أنه للتحقير وان ردّ بأنّ المشبه به الهدى الذي باعوه، وهو أمر خطير يناسب التشبيه بنار عظيمة، ولذا أخره ليذكره مع الوجه الأخير، وقد يقال إضاءة ما حولها وحصول الظلمات بفقدها يدلّ على عظمها، فتأمّل. قوله: (لما سذّوا مسامعهم إلخ) السد بالمهملتين ضد الفتح، والمسامع جمع مسمع بكسر الميم كمنبر وأمّ مسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>