للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظرف هنا لإعتماده على الموصوف يجوز كون المرفوع بعده وهو ظلمات فاعلاَ له كما يجوز أن يكون مبتدأ فيه خبر مقدّم عليه لأنه نكرة بخلاف ما إذ لم يعتمد فإن للنحاة في جواز كونه فاعلاً خلافاً فعند سيبويه والجمهور يتعين أنه مبتدأ هذا هو المراد لا أنّ الفاعلية هنا متعينة بالإتفاق إذ لم يقل به أحد من أهل العربية، وفي التسهيل اشترط سيبويه مع الارتفاع كون المرفوع حدثاً وليس هذا محل تفصيله، وما بعد ظلمات مما عطف عليه حكمه حكمه، ولم يتعرّضوا له لظهوره. قوله: (والمشهور أنّ سببه إلخ الما ذكر أنّ حقيقة الرعد الصوت المسموع من السحاب بين سببه بناء على ما اشتهر بين الحكماء من أنّ الشمس إذا أشرقت عاى الأرض اليابسة حللت منها أجزاء نارية يخالطها أجزاء أرضية فيركب منهما دخان، ويختلط بالبخار ويتصاعدان معاً إلى الطبقة الباردة فينعقد ثمة سحاباً ويحتقن الدخان فيه، ويطلب الصعود إن بقي على طبعه الحارّ والنزول إن ثقل وبرد، وكيف كان يمزق السحاب بعنفه فيحدث منه الرعد، وقد تشتعل بشدّة حرمته ومحاكته نار لامعة، وهي البرق إن لطفت والصاعقة إن غلظت كذا قرّره في حكمة العين ولهم فيه أقوال أخر غير مرضية كما أشار إليه في الشفاء، وقوله اضطراب افتعال من الضوب أي ضرب بعضه بعضاً، ولذا ف! ن! ره بقوله واصطكاكها لأنه يكون بمعنى الحوكة العنيفة مطلقاً ومنه أستعير الاضطراب النفسانيّ. قوله: " ذا حدته! الريح) أصل الحدو من الحداء، وهو غناء للعرب معروف تنشط به الإبل، ثم استعمل بمعنى السوق، وهو المراد هنا وفيه استعارة مكنية حسنة لتشبيه السحاب بإبل وركاب تساق وهو كثير في كلام العرب كقول بعضهم:

ركائب تحدوها الثمال زمامها بكف الصبا حتى أتيحت على نجد

وفي الحديث كما رواه ابن جرير " الرعد ملك موكل بالسحاب يسوقها كما يسوق الحادي

الإبل) (١) وقال الحكماء أيضاً إنّ بعض الرياح كالشمال مبرّدة لحرارة السحاب، وتحدث فيه رعدا وبرقاً قيل ما ذكره المصنف رحمه الله تبع فيه الزمخشريّ، والحكماء ولا عبرة به، والذي عليه التعويل كما قاله الطيبي، ما ورد في الأحاديث الصحيحة من طرق مختلفة في السنن أنّ الرعد ملك، والبرق مخراق من حديد أو من نار أو من نور يضرب به السحاب (٢) ، وعن ابن

عباس رضي الله عهما الرعد ملك يسوق السحاب بالتسبيح وهو صوته، وورد " سبحان من يسئح الرعد بحمده " (١) وقيل البرق ضحكه، وقيل نار تخرج من فيه إذا غضب وله عدّة طرق، وروايات ذكرها السيوطيّ في الدر المنثور ولا شبهة في صحته فتركه لخرافات الحكماء مما لا يليق كما ذهب إليه بعض من كتب على هذا الكتاب، والقول بأنّ ما في الحديث تمثيلات مسخ لكلام النبوّة نعم لك أن تقول الأجرام العلوية وما في الجوّ موكل بها ملائكة تتصرّف فيها بإذن الله وأمره كملك السحاب والمطر فإذا ساق السحاب، وقطعها حدث من تفريقها أصوات، ولمعان نورية مختلطة فتسبح ملائكتها فأهل الله يسمعون تسبيحها معرضين عما سواه، والمتشبث باذيال العقل يسمع حركاتها ويرى ما يحدث من إصطكاكها فتأمّل. قوله: (من الارتعاد إلخ) قيل عليه إنّ للنحاة، والأدباء في الإشتقاق ثلاثة مذاهب كون المشتق منه المصدر، وكونه مطلقا وكون الفعل من المصدر وبقية المشتقات من الفعل كاسم الفاعل، وأمّا اشتقاق المصدر من المصدر فلم يذهب إليه ذاهب على أنه لو قيل به؟ ، ن المزيد منه مأخوذا من المجرّد لا عكسه كالذي نحن فيه فقيل إنه لم يرد بأنه أصله ظاهره لأنّ أصله الرعدة وإنما أراد أنّ فيه معنى الاضطراب، وهذا تسليم للإعتراض، وقيل إنه على ظاهره وأنه أراد أنه مشتق من الإرتعاد فإنّ الزمخشريّ قد يردّ المجرّد إلى المزيد إذا كان المزيد أعرف، وأعرق في المعنى المعتبر في الاشتقاق كالقدر من التقدير والوجه من المواجهة وهذا منع للسؤال، وقيل من فيه اتصالية والمراد أنهما من جنس واحد يجمعهما الاشتقاق من الرعدة، وكذا قوله من برق الشيء بريقاً وليس فيما ذكر ما يشفي الصدور فلّك أن تقول إنّ مبناه على تعليل الأوضاع اللغوية، والمعنى أنّ الرعد وضمع لما ذكر لما فيه من الإرتعاد وقد مهد له بذكر الاضطراب وليس المراد أنه مأخوذ ولا مشتق من الارتعاد كما فهموه فمن ابتدائية والتقدير مصوغ من مادّة دالة على الارتعاد

<<  <  ج: ص:  >  >>