للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثل هذا التقدير غير منكر في كلام أهل العربية. قوله: (وكلاهما مصدر إلخ) في الكشاف، لما سأل لم لم يجمع الرعد والبرق كما جمعت الظلمات فإن الظاهر أن يكون على نمط واحد، وأيضا الجمع أبلغ فلم عدل عته، أجاب بأنّ فيه وجهين أحدهما أن يراد العينان ولكنهما لما كانا مصدرين في الأصل يقال رعدت السماء رعدا وبرقت برقا روعي حكم أصلهما

- يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتهن عرفنا أنك نبي واتبعناك قالوا: فأخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ملك من الملائكة موكل بالس! ب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله. قالوأ: فط الصوت الذي نسمع فيه؟ قال: زجرة السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر " قالوا صدقت. . . . . ".

تال الترمذي: حسن غريب اهـ ورجاله كلهم ثقات سوى ئغير بن شهاب فإنه مقبول كما في التقريب.

وقال الإمام الذهبي في الميزان: عراقي صدوق.

بأن ترك جمعهما، وان أريد معنى الجمع والثاني أن يراد الحدثان كأنه قيل، وارعاد وإبراق، وإنما جاءت هذه الأشياء منكرات لأنّ المراد أنواع منها كأنه قيل فيه ظلمات داجية ورعد قاصف وبرق خاطف، اهـ. وكون الأصل في المصدر أن لا يجمع مما أتفق عليه، ونص عليه في الكتاب سواء كان مفعولاً مطلقا أو لا حتى إذا جمع على خلاف القياس كان مقصوراً على السماع، ووجهه أنه اسم وحدث والمعاني لا تتغاير إلاً باعتبار المحل بخلاف الأجسام وهو شامل للقليل، والكثير فلا فائدة في جمعه والعدول عن مفرده المفيد لما أفاده مع أنه أخف وأخصر إلاً أن يقصد الأنواع، ثم إذا نقل فأكثر فيه أن يبقى على أصله ويجوز أن يعامل معاملة أسماء الأجرام، ثم إنّ المصنف رحمه الله ترك ما في الكشاف من احتمال أنه مصدر باق على أصله لأنه بعيد بل لم يسمع في الكلام المداول، وترك كون تنوينه للتنويع لما فيه من الخلل لأنه لو أريد نوع مخصوص كان المناسب تعريفه لأن النكرة لا تدل على زعمه، وأيضاً لو صح ما ذكر كان المناسب إفراد الظلمة أيضاً، وهذا من مقاصده فإنه إذا أسقط شيئاً منه أشار إلى ردّه، وهو مما ينبغي التنبه له في هذا الكتاب، وأكثر أرباب الحواشي لا ينبه عليه، ثم إنّ هنا نكتة سرية في أفرادهما هنا وهي أنّ الرعد كما ورد في الحديث وجرت به العادة يسوق السحاب من مكان لآخر فلو تعدد وكثر لم يكن السحاب مطبقاً فتزول شدة ظلمته، وكذا البرق لو كثر لمعانه لم تطبق الظلمة كما يثير إليه قوله {كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ} فإفرادهما متعين هنا، وهذا مما لمعت به بوارق الهداية في ظلمات الخواطر. قوله:) الضمير لأصحاب إلخ) فيه إيجاز لطيف وأصله كذوي الذي بمعنى أصحاب لأنه جمع ذو بمعنى صاحب وهو أشهر معانيه، والبيت المذكور لحسان بن ثابت رضي الله عنه من قصيدة له مشهورة في مدح آل جفنة ملوك الشام وأوّلها:

أسألت رسم الدار أم لم تسأل بين الجوابي فالنصيع فحومل

ومنها:

لله درّ عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان الأوّل

أولاد جفنة حول قبر أبيهم قبر ابن مارية الجواد المفضل

يسقون من ورد البريض عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل

وهي طويلة وضمير يسقون لأولاد جفنة وبردى بفتح الموحدة، والراء والدال المهملئين

نهر بدمشق وقيل: وأدبها والبريض بالضاد المعحمة وروي بالصاد المهملة وهو الأشهر وعليه اقتصر في القاموس اسم لخليج، وشعبة من نهر بردى وقيل إنه اسم موضع فيه أنهار كثيرة

بدليل قوله:

فما لحم الغراب لنا بزاد ولا سرطان أنهار البريض

وفيه نظر، وورد بمعنى قدم وأصل معنى ورد جاء الماء ليستقي ففيه إبهام هنا وورد كقدم يتعدّى بعلى، وقيل إنه يضمن معنى نزل، وبردى مؤتث لما فيه من ألف التأنيث والتقدير ماء بردى، والتصفيق التحويل من إناء إلى آخر ليصفي، والمراد به هنا يمزج ويصفق كما قال أبو حيان: روي بالياء لتحتية والتاء الفوقية والأوّل مراعاة لماء المقدر هنا، وهو محل الاستشهاد هنا كما جمع الضمير العائد على ذوي، ولولاه كان مفردا مذكرا، والثاني مراعاة لبردى ويجوز أن يكون لإكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه، والرحيق الشراب الخالص! ، والسلسل السائغ السهل الإنحدار في الحلق، وقوله أن يعوّل عليه أي يراعى من عوّلت عليه، وبه إذا اعتمدت فتجوّز به عما ذكر، وقوله حيث ذكر الضمير أي بناء على اشهر الروايتين فيه، وذكر بالتشديد من التذكير ضد التأنيث. قوله: (والجملة استئناف إلخ) أي استئناف بياني في جواب سؤال مقدر كما أشار إليه المصنف رحمه الله، ولذا لم تعطف فلا محل لها من الإعراب وجوّزوا فيها وجوها

<<  <  ج: ص:  >  >>