للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخر ككونها في محل جر على أنها صفة لذوي المقدر، وقد جوّز فيها وفي جملة يكاد كونها صفة صيب لتأويلها بلا يطيقونه، ونحوه أو في محل نص على الحال من ضمير فيه، والعائد محذوف أو الألف واللام نائبة عنه والتقدير من صواعقه، وقوله لما ذكر ما يؤذن بالشدّة والهول أي ما يدل على شدّة ما هم فيه من الأمور المخوفة المهولة.

وفي الكشاف لما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالثدة والهول فكأنّ قائلاً قال: فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد فقيل يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق، ثم قال: فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق فقيل يكاد البرق يخطف أبصارهم، وقيل: بين الكلامين بون بعيد وفرق ظاهر لأنّ المراد بما يؤذن إلخ في كلام المصنف الظلمة والرعد والبرق، وتنكيرها لأنه الأصل من غير مقتض للعدول عنه ووجه إيذانها أنها إمارات، ومقدمات للصواعق لأنها تسبق بها متعاقبة على ترتيب النظم عادة فمنشأ الاستئناف تلك الأمور بلا تفرقة بينها، فالأولى عنده جواب السؤال الناشىء من المجموع، والثانية عن السؤال الناشىء عن ذكر الصواجمق المستلزمة للبرق، والثالثة عما نشا من الجواب الثاني، وأورد عليه أنّ الثالثة لو كانت كذلك كانت على وتيرتها في التعبير والأمر فيه سهل، واختار في الكشاف أنّ منشأ السؤال هنا الرعد القاصف وحده والتنكيو للنوعية كما مرّ فعنده الجمل الثلاثة أي {يَجْعَلُونَ} {؟ ويكاد البوق} {؟ وكلما أضاء} إلخ أجوبة عن أسئلة ثلاثة من قوله {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} باعتبار الرعد والبرق واختلاف الحال المفهوم من الظلمات والبرق على اللف والنشر المرتب، أمّا في الأوّلين فظاهر، وأمّ في الثالث فلأنّ الاختلاف من تمامها، وأورد عليه أنه إن أراد بالقاصف ما معه. ر فهو عين الصاعقة فلا يتجه الاش خاف لأنّ لفظة فيه إلخ دال على وقوع الرعد فلا يكون وضع

الأصابع إلاً بعد وقوع الصاعقة، وهو عبث وإن أراد ما يخلو عنها كان من مقدّماتها قيساويه الباقيان معنى مع أنّ البرق أقرب للصاعقة من الظلمات فلا وجه لاختياوه وهذا هو السرّ في عدول المصنف عما في الكشاف، وقد قيل: عليه أنّ الجواب الأوّل لا يطابق السؤال الذي قدره لأنه يبين حالهم مع الصواعق دون الرعد وان أجابوا عنه بأنه لم كانت الصاعقة بصفة رعد أي شدّة صوت منه ينقض معها شعبة من نار كان الجواب مطابقاً له كأنه قيل يجعلون أصابعهم في آذانهم من شدّة صوت الرعد المنقض معه النار.

أقول لك أن تقول لا نسلم أنّ المصنف قصد مخالفة الزمخشريّ، والرد عليه فإنه لا مخالفة بينهما في الثالث إذ قدر ما قدّره بعينه، وكذا في الثاني لأن الزمخشريّ قال كيف حالهم مع مثل ذلك البرق والمصنف قال مع تلك الصواعق وكلاهما نوع واحد ناري كما مرّ وكذا في الأوّل لأنّ كلام المصنف محتمل فيه حيث قال: مع ذلك فلك أن تجعل الإشارة للرعد، ولو سلم أنه للمجموع فقول الزمخشريّ مثل هذا الرعد يريد به المصاحب للظلمة والبرق فلا فرق مع أنه لو سلم تغايرهما فلا وجه لجعل الأصابع في الآذان مع الظلمة والبرق، وكذا الأوجه لجواب السؤال بكيف حالهم مع تلك الصواعق بيكاد البرق إلا بالتوجيه السابق فما في الكشاف أحسن لما فيه من تطبيق الجواب على السؤال، واصابة المحز فمن قال: بترجيح ما هنا عليه لم يصب، ثم إنّ ما ذكره في التنوين ليس في كلام المصنف ما يقتضيه بوجه من الوجوه، والظاهر أنّ المراد بإيذانها بالشدة والهول ما يلوح لهم من مقدمات الهلاك بعد الوقوع في تيه الحيرة، والحسرة لا خصوص الصواعق ليكون الجواب أتمّ فائدة وأوفى عائدة، وما أورده على تقدير الرعد القاصف ليس بشيء، وقد فسر الراغب القاصف بما في صوته تكسر بشدة فالمراد الثاني، وكونه مساوياً لأخويه لا ضير فيه لمن له شعور وبصير، وقوله فأجيب بها الضمير للجملة، ويجوز عوده على الحال. قوله: (وإنما أطلق الأصابع إلخ) أي أوردها واستعملها في موضمع الأنامل المرادة هنا لأجل المبالغة لأنّ الأصابع معروفة، وفيها عقد والأنامل جمع أنملة بفتح الهمزة، ونتح الميم أكثر من ضمها وفي المصباح أنه حكى فيها تثليث الهمزة مع تثليث الميم ففيها تسع لغات، وهي العقدة من الأصابع وبعضهم يقول الأنامل جزء من الأصابع كما في المصباح أيضاً، وعلى كل حال فهي جزء مخصوص، أو غير مخصوص من الأصابع أطلق على كلها مبالغة كأنهم يبالغون حتى يدخلوا جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>