للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شدة الاتصال والمناسبة. قوله: (استئناف ثان إلخ) جوز أبو حيان في هذه الجملة أن تكون في محل جر صفة لذوي المقدرة أيضاً، والذي اختاره الشيخان الإسنئناف البياني، وقد مرّ أنه في الكشاف قدر السؤال هنا فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق فقيل) يكاد البرق) إلخ والمصنف رحمه الله عدل عنه وقدره ما حالهم مع تلك الصواعق، ويتراءى من ظاهر الحال في النظرة الأولى أنّ الأوّل أنسب بالجواب وأنّ الثاني أقرب لما قبله مما هو منشأ السؤال، ولذا قيل إنه إذا قدر السؤال كما قدره المصنف لا يلائمه الجواب بأنّ البرق يخطف أبصارهم، لأن البرق شيء والصاعقة شيء آخر، ولقد أحسن صاحب الكشاف في تقديره السابق، وقيل: إنّ المصنف أراد بالصواعق الصواعق المقرونة بالبرق، فقيل في جوابه يكاد البرق أي برقها على أنّ اللام العهدية عوض عن المضاف إليه، فارتبط الجواب بالسؤال على الوجه الوجيه والتوجيه الصواب، وتحقيق كلام المصنف رحمه الله على هذا المنوال من فيض الملك المتعال، ولعمري لقد استسمن ذا ورم، ونفخ في غير ضرم، وقد مرّ من الإفادة ما يغني عن الإعادة فتذكر. قوله: (وضعت لمقاربة الخبر من الوجود إلخ) أفعإل المقاربة أفعال مخصوصة سماها النحاة بهذا الاسم وان لم تكن كلها للمقاربة، لأنّ منها ما هو للشروع كطفق، ومنها ما هو للترجي، ومنها ما هو للمقاربة، سميت بها تغليبا لها لأنها أشهرها وأصلها كما في شرح التسهيل، وفد يخص بكاد وأخواتها ويجعل ما عداها من الباب قسماً آخر أو ملحقاً بها، والمشهور الأوّل فتدخل فيها عسى، والدلالة على الدنو والقرب مخصوص بكاد وأخواتها، واعتبره الجزولي في جميع الباب من غير تغليب، والمحققون على خلافه لأنّ عسى وضع لرجاء الخبر مطلقاً لا لرجاء دنوه كما زعمه، وطفق يدل على الشروع، وأخذ أوّل أجزاء الخبر، والدنوّ إنما يكون قبل الشروع فيه فليس فيهما مقاربة، وقد قيل إنّ ظاهر كلام المصنف رحمه الله يدل على أنّ عسى ير داخلة في أفعال المقارية لكونها موضوعة لرجاء الخبر، لا لرجاء دنوّه إلا أنّ في كلامه ما يدل على خلافه، كقوله: تنبيهاً على أنه المقصود بالقرب، ولو جعلت الضمير في قوله وضعت لمقاربة الخبر لكاد لا لأفعال المقاربة لم يرد عليه شيء وإن احتاج ما بعده للتأويل، ثم أنّ عسى لاستعماله فيما يطمع في مما يمكن

وقوعه، لو قيل قيه مقاربة لأنّ كل آت قريب ولله در القائل:

وإني لأرجو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع

لم يبعد وما قيل من أنّ المصنف رحمه الله ذهب إلى أنّ عسى ليس من أفعال المقاربة

ليس بشيء، وقوله من الوجود متعلق بمقاربة، والمراد بعروض! سببه حدوثه وكونه في معرض الوقوع، وضمير لكنه لم يوجد للخبر لا للسبب، وقد أورد عليه أنّ المقاربة كما تتصوّر بوجود السبب مع فقد الشرط، أو وجود المانع تتصوّر بفقد المانع ووجود الشرائط كلها، وفقد السبب فتخصيص كاد بالأوّل لا تساعده قواعد العربية إلا أن يقال إنه تصوير للمقاربة من غير تخصيص بها، وليس بشيء لأنّ المراد أنّ قرب الخبر لوجود السبب، وأنه لولا فقد الشرط أو وجود المانع أو نحوه لوفع، وليس مراده الحصر حتى يرد عليه ما ذكر، ثم أنّ ما ذكره بناء على ما جرت به العادة من أنّ الله تعالى إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه، وإذا وجدت الأسباب فعدم الوقوع لما ذكر، فلا يرد عليه ما قيل من أنه إذا لم يوجد سبب الخروج مثلاً، ولكنه قرب يصح أن يقال كاد زيد يخرح وهذا كه من ضيق العطن وسياتي تحقيقه، والحاصل أنّ كاد تدل على قرب الوقوع وأنه لم يقع، والأوّل لوجود أسبابه، والثاني لمانع أو فقد شرط، وهذا كله بحسب العادة فلا إشكال فيه. قوله: (فهي خبر محض ولذلك جاءت متصرفة بخلاف عسى) أي كاد خبر لشى فيه شائبة إنشاء فهو متصرّف كغيره، بخلاف عسى فإنها لكونها استعملت ني الإنشاء شابهت الحروف فلم تتصرّف، وهذا هو المشهور في كتب النحو واللغة وبه صرّح ثعلب في الفصيح، وفي شرحه للفهري أنها لم تتصرّف فيستعمل منها مستقبل واسم فاعل لأنها ليست على الحقيقة فعلاَ، وإنما هي حرف أطلقوا عليها الفعل مجازاً لما رأوها تعطي أحكامه، فيقال عسيت وعسيتما إلخ، وهذا هو الذي يجزم به فلا يعتذر لعدم تصرّفها، على أنّ ابن ظفر رحمه الله حكى عن أبي عبيدة في شرح المقامات أنه يقال: عسيت أعسى، قال: وعلى هذا يقال عاس اسم فاعل، وفي كتاب حل الفكر

<<  <  ج: ص:  >  >>