للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له، وقال بعض المحققين دليله باطل، ومدعاه حق لأنّ الشرط النحوي أعمّ من أن يكون سبباً نحو لو كانت الشمس طالعة كان العالم مضيئا أو شرطا نحو لو كان لي مال حججت أو غيرهما، وأمّ الثاني فلأنّ الشرط ملزوم والجزاء لازم وانتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم دون العكس فوضعها ليكون جزاؤها معدوم المضمون فيمتنع مضمون الشرط الملزوم لامتناع لازمه، وهو الجزاء فهي لامتناع الأوّل لامتناع الثاني فيدل انتفاء الجزاء على انتفاء الشرط، ولهذا قالوا في القياس البرهاني إنّ رفع التالي يوجب رفع المقدم دون العكس كما ارتضاه الفحول، وقال المحقق التفتازاني في شرح التلخيصى نحن نقول ليس معنى قولهم لو لإمتناع الثاني لامتناع الأوّل إنه يستدل بامتناعه على امتناعه حتى يرد أنّ

انتفاء المسبب أو الملزوم لا يدلّ على أنتفاء السبب واللازم بل أنّ انتفاء الثاني في الخارج إنما هو بسبب انتفاء الأوّل فهي تستعمل للدّلالة على أنّ علة انتفاء مضمون الجزاء في الخارج هي انتفاء مضمون الشرط من غير التفات إلى أنّ علة العلم بانتفاء الجزاء ما هي، وأرباب المعقول جعلوا أدوات الشرط كلها دالة على لزوم الجزاء للشرط من غير قصد إلى القطع بانتفائهما فصح عندهم استثناء عين المقدم نحو لو كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لكن الشمس طالعة فيستعملونها للدلالة على أنّ العلم بانتفاء الثاني علة للعلم بانتفاء الأوّل ضرورة انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم من غير التفات إلى أنّ علة انتفاء الجزاء في الخارج ما هي لاستعماله لها في اكتساب العلوم والتصديقات، ولا شك أنّ العلم بانتفاء الملزوم لا يوجب العلم بانتفاء اللازم بل العكس فإذا تصفحنا وجدنا استعمالها على حد قاعدة اللغة أكثر لكنها قد تستعمل على قاعدتهم كما في قوله تعالى {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} [الأنبياء: ٢٢] إلخ فاعتراض ابن الحاجب غلط صريح، وقال قدس سرّه: إنه يفهم منه أنّ المعنى الثاني إنما هو بحسب الأوضاع الاصطلاحية لأرباب المعقول والآية واردة على أوضاعهم، وهو بعيد جداً قالحق أنه من المعاني المعتبرة لغة الواردة في استعمالاتهم عرفا فإنهم قد يتصدون للاستدلال ويسمى المذهب الكلامي عندهم إلاً أنه أقل استعمالاً من المعنى الأوّل كالمعنى الثاني المذكور في نحو نعم العبد صهيب إلخ، وقد قيل في توجيهه أنه أراد بقوله قد يستعمل على قاعدتهم أنّ العرب قد تستعمله منطبقاً على قاعدتهم لا جريا عليها بل تجوز العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، وهذا محصل ما قالوه بأسرهم ردّا وقبولاً، وقد بقيت في النفس منه أمور لأنّ مآل ما ارتضاه الفاضلان، ومحققو المتأخرين أنّ لها ثلاثة معان في اللغة واستعمال العرب سواء كانت حقيقية، أو بعضها حقيقة أحدها مذهب الجمهور، والثاني مسلك ابن الحاجب، والثالث ما ذكر في الأثر وما ضاهاه، وحينئذ يتجه أنه كيف يعد ما قاله غلطا وهو اختيار لأحد المعاني الثابتة فإن كان لإنكار ما عداه فهو مثترك بينه وبين الجمهور إلاً أنه كثر استعمالاً، وقد اختار المصنف رحمه الله ما اختاره ابن الحاجب، وقيل يحتمل أنّ مراده أنّ ظاهر الآية هنا الدلالة على انتفاء الأوّل لانتفاء الثاني يعني أنّ استعمال لو قد يكون للاستدلال، وهو الظاهر إلا أنّ حق العبارة الدلالة على انتفاء الأوّل بانتفاء الثاني لأنه يقال دل عليه بكذا دون لكذا، وهو غريب منه لبعد ما ادّعاه واللام تعليلية لا صلة الانتفاء.

وقال قدس سرّه: لو بمعنى إن مجردة عن الدلالة على الانتفاء، وقد يقال إنها باقية على أصلها. قوله: (وقرىء لا ذهب إلخ) أمّا على زيادة الباء لتأكيد التعدية، أو على أنّ أذهب لازم بمعنى ذهب كما قيل بنحوه في تنبت بالدهن، وفي قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، إذ الجمع بين أداتي تعدي لا يجوز، وأسماعهم جمع سمع وفي نسخة سمعهم مفرداً، ويجوز أن

يقدر له مفعول أي لأذهبهم وهو أقرب. قوله: (وفائدة هذه الشرطية إلخ) يعني أنّ إذهاب الله لمثله ليس بشيء في جنب مثيئتة، وقدرته فأيّ فائدة في ذكره، والمانع هنا إنتفاء شرطه، وهو تعلق مشيثة الله به لأنّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، والمقتضى سببه من الرعد والبرق كما يدل عليه ما قبله، وما قيل على المصنف رحمه الله من أن ما ذكره هنا يناقض قوله قبله إنّ لو ظاهرة الدلالة على انتفاء الأوّل لانتفاء الثاني إلخ لجعله مشيئة الله شرطاً والظاهر انتفاء الشيء بانتفاء شرطه لا عكسه كما مرّ، أجيب عنه بأن لو هنا استدلالية تفيد أنّ العلم بانتفاء المشروط التالي

<<  <  ج: ص:  >  >>