للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لوجود السبب الموقوف على الشرط يوجب العلم بانتفائه فلا تناقض فتدبر. قوله: (والتنبيه على أنّ تأتلير الأسباب إلخ الأنه لو لم يكن مشروطاً لما تخلف الأثر عن المؤثر القوفي، من الرعد والبرق والصواعق في ظلمات متراكمة، وبيان الحكم في مادّة بيان له في سائرها لإشتراكهما في العلة، وتأثير الأسباب وقيام المعنى المقتضي بناء على الظاهر، وجرى على العادة التي أجراها الله تعالى فلا يقال إنه ليس على ما ينبغي لأنّ الأسباب لا تأثير لها في المسببات، وليس التأثير لغير الله تعالى عند أهل الحق، ودلالتها على الوقوع بقدرته لأنّ المشيئة سواء كانت مرادفة للإرادة أولا شأنها ترجيح أحد طرفي المقدور من الفعل، والترك على الآخر فيستلزمها وإن كان بينهما فرق ظاهر ولذا كان قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [اكل عمران: ٦٥ ا] مقرّراً لما قبله فسقط ما قيل من أنّ وجودها بقدرته على هذا الوجه لا يفهم من الشرطية المذكورة، وإنما المفهوم منها توقف وقوعها على المشيئة، وعدم تخلفهأ عنها فتدبر. قوله: (كالتصريح به والتقرير له) أي ولذا لم يعطف عليه، وقال: كالتصريح لأنه عامّ في جميع المقدورات فيدخل فيه القدرة على ما ذكر واذهابه دخولاً أولياً فهو كالإثبات بالبرهان والتنوير بالبينة لأنّ القادر على الكل قادر على البعض وضمير به وله للتنبيه، لا يقال لا يلزم من قدرته على كل شيء وقوعه بقدرته لتغاير معنييهما، لأنا نقول لما ثبت أنه لا يجوز وقوع مقدورين من قادرين مؤثرين ببرهان التمانع، وثبت أنه تعالى قادر على كل شيء لزم أن لا يكون غيره قادراً مؤثراً فكل شيء واقع بقدرته، وقدرته تابعة لمشيئته في التاثير فثبت أنّ كل شيء واقع بمشيثته. قوله: (والشيء يختص بالموجود إلخ) الكلام في شيء وتفسيره من جهتين ومقامين، فالأوّل في تحقيقه عند المتكلمين فإنهم اختلفوا في أنّ المعدوم الممكن هل هو ثابت، وشيء أم لا وفي أنه هل بين الموجود والمعدوم واسطة أم لا والمذاهب أربعة حسب الاحتمالات أعني إثبات الأمرين أو نفيهما أو إثبات الأوّل، ونفي الثاني

أو بالعكس وذلك لأنه إمّا أن يكون المعدوم ثابتاً أولا وعلى التقديرين إمّا أن يكون بين الموجود والمعدوم واسطة أو لا، والحق نفيهما ولهم تردّد في اتحاد مفهوم الوجود والمشيئة، والكلام فيه مرتبط بالوجود الذهني أيضاً فعلى هذا هل يختص بالموجود، أو يشمله ويشمل المعدوم الممكن قولان والثاني في تحقيقه لغة، وهو يقع على كل ما أخبر عنه سواء كان جسماً أو عرضا، ويقع على القديم وعلى المعدوم والمحال فهو أعم العامّ كما في الكشاف فلا يرد عليه ما قيل من أنّ الخلاف بيننا وبين المعتزلة في المعدوم الممكن هل هو شيء أم لا، وأمّا المحال فليس بشيء اتفافا فإنّ الخلاف في المشيئة بمعنى التقرّو والثبوت في الخارج لا في إطلاق لفظ الشيء فإنه بحث لغويّ مرجعه إلى النقل، والسماع لا يصلح محلاَ لاختلاف العقلاء الناظرين في المياحث العلمية لا سيما ورد ورد استعماله على العموم في القرآن وكلام العرب بحيث لا يخفى على أحد.

وما ذكره المصنف رحمه الله برمته ماخوذ من كلام الراغب، وفيه المشيئة عند المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم أصل المشيئة إيجاد الشيء وإصابته، وان استعمل عرفا في موضع الإرادة فالمشيئة من الله هي الإيجاد ومن الناس الإصابة، والمشيئة من الله تقتضي الوجود، ولذا قيل ما شاء الله كان بخلاف الإرادة وارادة الإنسان قد تحصل من غير إرادة الله، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته كما قال {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] ولذا يقال إن شاء الله دون إن أراد الله، فقول المصنف رحمه الله يختص بالموجود أراد به بيان معناه عند المتكلمين بناء على المشهور من مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة فإنه عندهم يشمل الموجود والمعدوم الممكن بناء على القول بأنه ثابت، وإنّ الثبوت أعم من الوجود، وما نقل عنهم من القول بشموله للمعدوم مطلقاً هنا من عدم الفرق بين معنييه لما سمعته من الإتفاق عليه، وكلام المصنف ظاهره أنه تفسير لما في النظم، وقال: بعض الفضلاء فيه إنّ الشيء في الآية محمول على المعنى اللغوي لا على الموجود كما اصطلح عليه أهل الكلام وفيه نظر فتأمّل. قوله: (أطلق بمعنى شاء) اسم فاعل كجاء، وأصله شاتي فاعل إعلأل قاض فهو مصدر أطلق على الفاعل، وهو من قامت به المشيئة كعدل بمعنى عادل، ولذا فنر بمريد ثم شاع حتى صار حقيقة فبه ومن قامت به المشيئة موجود لا محالة، وحينئذ يصح إطلاقه على الله لقيام المشيئة به، ولأنه موجود واجب

<<  <  ج: ص:  >  >>