للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرجح عند صاحب الإيضاح، وفي المواقف القدرة صفة تؤثر وفق

الإرادة، وقيل هي مبدأ قريب للأفعال المختلفة، وهذا فيما قيل يقتضي أنها ليست نفس التمكن بل مبدأة ومقتضيه وبينهما مخالفة، والذي قاله المتكلمون إنها صفة موجودة ثابتة له تعالى، والتمكن أمر اعتباريّ لا وجود له في الخارج فهو معناها لغة وذاك اصطلاحيّ، وقيل إنّ كلام المصنف رحمه الله إشارة إلى أنّ فيها اختلافاً هل هي صفة إضافية أو ذاتية، وقيل إنّ قوله هو التمكن إلخ يقرب من مذهب المعتزلة، ويشعر بأنّ القدرة ليست صفة حقيقية والتفسير الثاني مذهب الأشاعرة، والثالث يشعر بأنها من الصفات السلبية والتحقيق ما في المسائل الأربعين للإمام من أنّ الصفات ثلاثة أقسام صفات حقيقية عارية عن الإضافات كالسواد والبياض وصفات حقيقية يلزمها إضافات كالعلم، والقدرة لأنّ العلم صفة حقيقية يلزمها إضافة مخصوصة إلى المعلوم، وكذا القدرة صفة حقيقية لها تعلق بالمقدور، وذلك التعلّق إضافة مخصوصة بين القدرة والمقدور وإضافة ونسب محضة ككون الشيء قبل غيره أو بعده فمن فسرها بالمبدا ونحوه نظر إلى حقيقتها، ومن فسرها بغيره رسمها بلوازمها فلا مخالفة في التحقيق، ثم إنه قيل عليه أنه لا يتناول التمكن من إعدامه بعد وجوده ولا التمكق من إبقاء الممكن، وهو معتبر كما سنراه إلا أن يقال التمكن من الإيجاد يستلزم التمكن منهما استلزاماً ظاهراً، فلذا اقتصر عليه مع شرفه، فعلم ضعف ما قيل من أنّ المقدور إن أريد به ما تعلقت به القدرة لا يكون إلاً موجودا، وان أريد ما يصلح لأن يتعلق به يكون معدوما وهو المعنيّ بقولهم إنه تعالى قادر على جميع المقدورأت، وأنّ مقدوراته غير متناهية يني أنها صفة قديمة قائمة بالقادر قبل الإلجاد لمقدوراته وبعد الإيجاد والبقاء فتدبر. قوله: (وقيل صفة تقتضي التمكن) هذا هو القول المرضي فكأنه لم يقصد تمريضه، والمراد التمكن من الإيجاد والإعدام والإبقاء كما سمعتة آنفاً، وقوله وقيل: قدرة الإنسان إلخ فيه إشارة إلى أنّ ما قبله عامّ فيهما أو خاص بالله، والظاهر الثاني ووجه تمريضه أنه وإن فرق بين القدرتين إلا أنه يقتضي أنّ القدرة من الصفات السلبية، والذي عليه المحققون أنها صفة ثبوتية ذاتية، والعجز يضادّها وينافيها فالقائل به اختاره تقليلاً للصفات الذاتية أو نفياً لها، ثم إنّ الهيئة إنما تستعمل إذا أطلقت في المحسوسات، والفعل شامل للإيجاد والإعدام كما مرّ وصاحب هذا القول هو الراغب كما صرّح به في مفرداته فتأمّل. قوله: (والقادر هو الذي إلخ) هذا يحتمل أن يكون كلاما مستأنفا، ويحتمل أنه من تتمة القيل فكلاهما من كلام الحكماء لأنهم لا يقولون بإثبات صفات زائدة كالمعتزلة على ما حقق في الكلام، ويخالفون المتكلمين في أن القدرة عبارة عن صحة الفعل، والترك ويقولون هي عبارة عن كونه بحيث إن شاء فعل وان شاء ترك، أو لم يفعل ومقدم الشرطية الأولى بالنسبة إلى وجود العالم دائم الوقوع، ومقدم الشرطية الثانية بالنسبة إلى وجود العالم دائم اللاوقوع، وصدق الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها ولا ينافى كذبهما ودوام الفعل، وامتناع الترك بسبب الغير لا ينافي الاختبار عندهم، وفي نسخة وان شاة لم يفعل بدل قوله وان

لم يشأ لم يفعل، ولما ذهب الفلاسفة إلى أنّ إيجاد العالم بطريق الإيجاب لم يثبتوا لموجده الإرادة والاختيار إلا بمعنى إنه إن شاء فعل إلخ وهو متفق عليه بين الفريقين، وفيه كلام في نهاية الإمام المدقق الطوسي ليس هذا محله، وقيل إنّ قول المصنف هو الذي إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل أحسن مما قيل إن شاء ترك لأنّ ظاهره يقتضي أن يكون العدم الأصلي متعلق المشيئة، وليس كذلك كما قرّروه، ثم إنّ كلاً من الفعل وعدمه أعمّ من الإيجاد أو الإعدام فالمعنى إن شاء الإيجاد، أو الإعدام فعله وان لم يشأ الإيجاد أو الإعدام لم يفعله، ومعنى كونه قادرا على الموجود حال وجود. أنه إن شاء عدمه أعدمه، وان لم يشأ لم يعدمه، ومعنى كونه قادراً على المعدوم حال عدمه إنه إن شاء وجوده أوجده وان لم يشأ وجوده لم يوجده فأحفظه فمانه نافع وفيه بحث. قوله: (والقدير الفغال لما يثاء إلخ) قال الراغب: محال أن يوصف غير الله تعالى بالقدرة المطلقة يعني بل حقه أن يقال قادر على كذا، والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة لا زائداً عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>