للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا ناقصا عته، ولذلك لا يصح أن يوصف به إلاً الله تعالى والمقتدر يقاربه لكنه قد يوصف به البشر وإذا اسنعمل في الله فمعناه القدير وإذا استعمل في البشر فمعناه المتكلف والمكتسب للقدرة، اهـ ومنه أخذ المصنف رحمه الله ما ذكره ملخصاً فمعنى قوله على ما يشاء إنه متقن جار على وفق الحكمة، وقيل معناه على الوجه الذي يشاء ما يشاؤه عليه من الوجوه المختلفة، ولا محصل له إلاً أن يريد به التعميم أي على كل وجه أراله، وهو توطئة لإختصاصه تعالى به لأنه لا يقدر على إيجاد كل ما يشاء وجوده أو على إيجاد ما شاء في غأية الإتقان جارياً على وفق الحكمة إلاً الله تعالى، والفعال هو المبالغ فيما يفعله كماً وكيفاً، وقيل: إن أراد بالفعال لما يشاء إلخ في الجملة فهو لا يقتضي عدم اتصاف (لع! رب وان أريد العموم لكل ما يدخل تحت المشيئة لزم أن لا يوصف به غيره ولو مجازا، وأورد عبيه أنّ أوّل كلامه في تفسير القدرة يقتضي أن يكون القدير المتمكن من إيجاد الشيء أو ذا صفة ققتضي التمكن منه لا الفعال إلا أن يثبت هذا المعنى نقلاَ ورد بأنّ القدير صيغة مبالغة فقيه زيادة على القادر، وزيادة التمكن التام تقتضي أن يكون فعالاً، ولا يخفى أنّ المراد الثاني وأنه قد التزم ما لزمه فأيّ محذور فيه، ثم إنّ ما ذكره هنا إن كان من تتمة القيل لم يرد ما ذكره، وإن كان ابتداء كلام آخر والقدرة والتمكن الموصوف به الله تعالى صفة قديمة باقي أزلاً وأبداً فيكون قبل الوجود ومعه، وبعده فلا حاجة إلى جعله معنى آخر مستقلاً ولا إلى غيره مما ذكره نعم ما ذكره المصنف رحمه الله تبعاً للراغب من أنّ القدير لا يوصف به غير الله بخلاف القادر، والمقتدر بناء على أنّ المبالغة في القدرة بالمعنى المذكور لا يتصف به غيره تعالى فيه نظر لأنّ المبالغة أمر نسبيّ لا يلزم أن تكون بالمعنى المذكور، ولو تتبعت كلام العرب، وأهل اللغة لم تجده مختصاً به تعالى، ولذا وقع في بعض النسخ قلما يوصف به غير البارىء، وكانّ المصنف أصلح به ما في النسخة الأولى على أنه قد خالف ما ذكره بقوله في أوّل الخطبة فلم

يجد به قديراً، فإنّ المراد به غيره تعالى إلاً أن يقال أنه نفى للقدير عن غيره إذ المعنى لا قدير فيوجد وحينئذ لا ينافي ما ذكر. قوله: (واشتقاق القدرة من القدر إلخ) قيل فيه إشارة إلى الردّ على الزمخشري حيث عدل عن قوله: واشتقاق القدير من التقدير لما فيه من إشتقاق المجرّد من المزيد وان أجيب عنه بأنه لم يرد به الاشتقاق المعروف بل إنّ بينهما اتصالاً، ومناسبة، فإنّ القدير مشتق من القدرة، ومعناها الإيقاع على مقدار قوّته، وحكمته وهو معنى التقدير، وقد جرت عادته أن يعين للغات أصلاً يرجع إليه ولما كان في جميع مواده معنى التقدير جعله أصلا له هكذا نقل عنه وإذا اشتمل المزيد على معنى المجرّد، وزيادة جعل أصلاً كالقدير من التقدير، والوجه من المواجهة والبرج من التبرّج والاشتقاق فيه لغوي بمعنى الأخذ من أشهر مواده لا ما اصطلح عليه أهل التصريف، ولذا تراهم يجعلون المصدر مشتقاً من مصدر آخر فلا إشكال فيه كما تقدم. قوله: (وفيه دليل على أنّ الحادث إلخ) أي في قوله إنّ الله على كل شيء قدير لأز الحادث والممكن شيء بالاتفاق وكل شيء مقدور كما صرّح به المصنف، وصورة الدليل كما قيل الحادث حال حدوثه شيء، وكل شيء مقدور له تعالى ينتج أنّ الحادث حال حدوثه مقدور له تعالى أو الممكن حال وجوده شيء مقدور له تعالى، فينتج أنّ الممكن حال وجوده مقدور له وأورد عليه مغالطة مذكورة مع ردّها في حواشي بعض الفضلاء فلا حاجة لإيرادها هنا فوجد الأوّل، وبقاء الثاني بقدرته تعالى، وهذا ردّ على من زعم أنّ الحادث محتاج إلى الفاعل القادر حال حدوثه دون بقائه، والاً لزم تحصيل الحاصل إذ إيجاد الموجود محال، وتأثير القدرة هو الإيجاد وأجابوا عنه بأن المحال إيجاد الموجود بوجود سابق، وهو غير لازم بل إيجاده لوجود هو أثر ذلك الإيجاد مع أنّ هذا مبنيّ على أنّ تأثير القدرة الإيجاد فقط، وليس كذلك لجواز أن يكون الإعدام بعد الوجود فالأحسن أنّ معنى أنه مقدور أنّ الفاعل، إن شاء أعدمه وإن لم يشأ لم يعدمه كما مرّ، وقيل لما رأى بعض المتكلمين أنّ عدم احتياج الباقي في بقائه شنيع قالوا إنّ الجواهر لا تخلو عن الإعراض، والعرض لا يبقى زمانين فلا يتصوّر الاستغناء عن القادر في كل أوان، وهذا مما أنكره كثير من المتكلمين على الأشعري، وقالوا إنّ إدّعاء مثله

<<  <  ج: ص:  >  >>