قوله:(ليظهر قيها فضل العلماء الخ) جواب سؤال عن حكمته، ولم لم يكن كله محكماً لأنه أنزل للهداية والإرشاد فأجاب بأنه متضمن للإرشاد أيضا إلى فضل العلماء واكتساب العلوم والكد المحصل للثواب، والاستنباط الاستخراج، والقرائح الطبائع ثم أشار إلى معنى آخر للمحكم والمتشابه وقد مرّ بيانه. قوله:(وأخر جمع أخرى لخ) أخر جمع أخرى مؤنث آخر أفعل تفضيل وقياس بابه إذا
قطع عن الإضافة أن لا يستعمل إلا باللام فاستعماله بدونها عدول عما هي فيه، واعترض عليه أبو عليّ رحمه الله بأنه لو كان كذلك وجب أن يكون معرفة كسحر فأجابوا بأنه لا يعد في استعماله نكرة بعد حذف اللام المانعة منه كذا في الإيضاح، والى هذا الأشكال أشار المصنف رحمه الله بقوله، ولا يلزم منه معرفته وفي نسخة تعريفه يعني أنه لا يلزم في المعدول عن شيء أن يكون بمعناه من كل وجه، وإنما يلزم أن يكون قد أخرح عما يستحقه وما هو القياس فيه إلى صيغة أخرى نعم قد يقصد إرادة تعريفه بعد النقل إمّا بألف ولام تضمن معناهما فيبنى وامّا بعلمية كما في سحر فيمنع من الصرف، ولما لم يقصد في آخر إرادة الألف واللام أعرب ولا يصح إرادة العلمية لأنها تضادّ الوصفية المقصودة منه.
قوله:) أو عن آخر من) هذا مذهب ابن جني وقال ابن مالك وغيره: إنه التحقيق ولكن
ما مر مذهب الجمهور، ووجهه أنّ أصل باب التفضيل أن يستعمل بمن، ويستغنى به عن جمعه فلما خالفه جعل معدولاً عنه ولا يجوز أن يكون بتقدير الإضافة لأنّ المضاف إليه لا يحذف إلا مع بناء المضاف كما في الغايات أو مع ما يسدّ مسده، وفيه نظر. قوله:(عدول عن الحق) الزيغ الميل، قيل: لا يقال إلا لما كان من حق إلى باطل، وقال الراغب: الزيغ الميل عن الاستقامة إلى أحد الجانبين، وزاغ وزال ومال متقاربة لكن زاغ لا يقال إلا فيما كان عن حق إلى باطل انتهى، هاليه أشار المصنف وزبغ مبتدأ وفاعل. قوله:) فيتعلقون بظاهره الخ) هذا مأخوذ من الحصر المفهوم من التقابل إذ معناه أنهم يتبعون المتشابه وحده بأن ينظروا إلى ما يطابقه من المحكم، ويردّوه إليه وهو إمّا بأخذ ظاهره الغير المراد له تعالى أو أخذ أحد بطونه الباطلة، وحينئذ يضربون القرآن بعضه ببعض، ويظهرون التناقض بين معانيه إلحادآ منهم وكفراً ويحملون لفظه على أحد محتملاته التي توافق أغراضهم الفاسدة في ذلك، وهذا معنى قوله: ابتغاء الفتنة وابتغاء تأوبله فالإضافة في تأويله للعهد أي بتأويل مخصوص لا يوافق المحكم بل يوافق ما يشتهونه، وتوله: كالمبتدعة إشارة إلى أنه أعئم من المسلمين هنا إذ المراد من يخالف الحق، ويأتي بما يختلفه من الباطل لما ذكر في سبب النزول فتدبر. قوله:(ويحتمل أن يكون الداعي الخ (قيل: كأنه جعل الداعي أوّلاً الطلبتين على التوزيع بأن جعل ابتغاء الفتنة طلبة بعض، وابتغاء التأويل حسبما يشتهي طلبة بعض فعقبه باحتمالين آخرين، ويشير إليه تفسير اتباع
ما لابه، ومناسبة المعاند أنه لقوّة عناده يتشبث بهما معا، والجاهل أنه لتحيره تارة يتبع هواه لعدم علم يصرفه إلى ما سواه وتفسير تأويله بما يجب أن يحمل عليه لأنه هو المطابق للواقع يعلم من التعبير بالعلم وإضافته إلى الله، والمراد بما يجب أن يحمل عليه أي على نوعه وما يضاهيه، والتعبير بالراسخين يقتضي تقابله بالزائغين. قوله: (ومن وقف على إلا الله) فيه ثلاثة مذاهب منهم من وقف على إلا الله ومنهم من وقف على الراسخون، ومنهم من جوّز الأمرين د! اليه ذهب كثير من أئمة التحقيق ولهم في ترجيح ذلك كلام طويل فرجح ما ذهب إليه بوجوه أما اوّلاً فلأنه لو أريد بيان خط الراسخين مقابلاً لبيان خط الزايغين لكان المناسب أن يقال وأمّا الراسخون فيقولون.
واما ثانياً فلأنه لا فائدة حينئذ في قيد الرسوخ بل هذا حكم العالمين كلهم.
وأما ثالثا فلأنه لا ينحصر حينئذ الكلام في المحكم والمتشابه على ما هو مقتضى ظاهر
العبارة حيث لم يقل ومنه متشابهات لأن ما لا يكون متضح المعنى، ويهتدي العلماء إلى تأويله ورذه إلى المحكم مثل إلى ربها ناظرة لا يكون محكما ولا متشابها بالمعنى المذكور، وهو كثير جداً، وأمّا رابعا فلأنّ المحكم حينئذ لا يغون أثم الكتاب بمعنى رجوع المتشابه إليه إذ لا رجوع إليه لما استاثر الله به كعدد الزبانية، وقد رجح الثاني بأنّ أمّا للتفصيل فلا بد في مقابلة الحكم على الزائغين من حكم على