هو الفوقية عليهم والمعنى أضم إلى عذاب الفوقية السابقة عذاب الآخرة وفيه بعد، إذ معنى أعذب في الدنيا والآخرة ليس إلا أني أفعل عذاب الدارين إلا أن يقال إيجاد الكل لا يلزم أن يكون بإيجاد كل جزء فيجوز أن يفعل في الآخرة تعذيب الدارين بأن يفعل عذاب الآخرة، وقد فعل في الدنيا عذاب الدنيا فيكون تمام العذابين في الآخرة، وقيل: لا يبعد أن يتعلق قوله في الدنيا والاخرة بشديد تشديد الأمر الشدة وهذا وان ارتضاه بعض الفضلاء واستظهره لا يخفى ما فيه، وقوله: تقرير لذلك أي للحكم المفصل بأنه جار على الحكمة والعدل، ثم إن تفصيل المجمل باعتبار وصفي الإيمان والكفر، واعطاء، كل ما يليق به بضمير الغائب العائد إلى الموصوف إشارة إلى علية الوصفين هل هو التفات من الخطاب إلى الغيبة فيه تردّد بناء على أن الثاني هل يكفي في عدة التفاتا تلوين الخطاب لما هو في ضمن أمر شامل له، أو لا بد أن يكون مقصوداً بالذات الظاهر الثاني. قوله:(إلى ما سبق (يشير إلى وجه إفراده وتذكيره، وقوله: على أن العامل معنى الإشارة لا الجار والمجرور لأنّ مثله لا يجوز تقدمه على عامله المعنوي، وقوله: وأن ينتصب يعني ذلك. قوله: (المشتمل على الحكم أو المحكم الخ) إن كان الحكيم بمعنى المحكم المتقن نظمه بناء على أنّ فعيلاً يكون بمعنى مفعل كما مرّ والذكر بمعنى القرآن فظاهر وإن كان بمعنى صاحب الحكم فاستعماله لما صدر عنه مما اشتمل على حكمته إمّا استعارة نبعية في لفظ حكيم، أو إسناد مجازي بأن أسند إليه ما هو لمسببه وصاحبه، وأمّا استعارة مكنية
وتخييلية بأن شبه القرآن بناطق بالحكمة، وأثبت له الوصف بحكيم تخييلا، وقد صرح به في الكشاف هنا، وأفاد الطيبي رحمه الله أن ما ذهب إليه السكاكي من رذ الإسناد المجازي إلى المكنية سبقه إليه غيره، فلا اعتراض عليه كما ظن وشبهة ذكر الطرفين حينئذ، واردة فتأمّل دفعها، وتفسير الذكر الحليم باللوج المحفوظ لاشتماله عليه. قوله:(أي شأنه الغريب الخ) يعني أنّ المثل هنا ليس هو المستعمل في التشبيه والكاف زائدة كما قيل بل بمعنى الحال والصفة العجيبة، كما مرّ تحقيقه في البقرة يعني صفة عيسى عليه الصلاة والسلام كصفة آدم صلى الله عليه وسلم في خلقه من غير أبوين. قوله:(جملة مفسرة للتمثيل الخ) في الكشاف فإن قلت كيف شبه به وقد وجد هو بغير أب، ووجد آدم بغير أب وأمّ قلت هو مثيله في أحد الطرفين فلا يمنع اختصاصه دونه بالطرف الآخر من تشبيهه به لأنّ المماثلة مشاركة في بعض الأوصاف ولأنه شبه به في أنه وجد وجودأ خارجاً عن العادة المستمرة وهما في ذلك نظيران ولأنّ الوجود من غير أب وأمّ أغرب وأخرق للعادة من الوجود بغير أب فشبه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم، وأحسم لمادّة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه انتهى، جعل عيسى عليه الصلاة والسلام مشبهاً لأنه المقصود في المقام والا فمثله ورد للتشابه يعني أنّ تجملة خلقه مفسرة للشبه فإمّا أن تكون مبينة لوجه الشبه، والمشترك بينهما الخروج عن العادة وعدم استكمال الطرفين أو هو لبيان أنّ المشبه به أغرب فيكون أثم وأكمل كما هو شأن التشبيه والمصنف رحمه الله جعله بيانا لوجه الشبه ضمنا، وعدوله عن الاقتصار على المشترك بينهما لما ذكر لأنه أغرب وأقطع المادّة الشبهة ومن لم يدر معزاه ظنه خلط بين الوجوه وأنه كان عليه أن يقول لما فيه الشبه، والشبه جمع شبهة قطع مادة الشبهة أبلغ من قطع الشبهة مع ما في أقحامه من مناسبه المقام لأنّ الأبوين ماذة النسل. قوله:(والمعنى خلق قالبه من التراب) فسر الخلق بذلك، وقول: كن بإنشائه بشرا تصسحيحا لكلمة، ثم وحمل يكون على حكاية الحال لأن المقام يقتضي كن فكان، ويصح أنه مستقبل بالنظر لما قبله، وهو قوله كن، وقد تقدم تحقيقه وأنه تمثيل ومن حمله على ظاهره جعل التأخير، والتراخي في الإخبار، وما قيل إنّ المصنف رحمه الله جعله في البقرة كناية عن الخلق دفعة بلا ماذة وسبب وما هنا يخالفه ليس بشيء لأنّ معناه كما قرره سرعة الإيجاد، وعدم الماذة إنما تستفاد ثمة من المقام والتعبير بالإبداع. قوله:(خبر محذوف
اي هو الحق) ضمير هو راجع إلى البيان والقصص المذكور سابقاً، ومن ربك حال من الضمير في الحق وقدّمه لأنه أولى من جعله مبتدأ ومن ربك خبره، إذ المقصود الدلالة على كون عيسى بهق مخلوقاً كآدم صلى الله عليه وسلم