عليكم وإنما أورده صاحب أسرار التنزيل لأنه أديب لا يعرف النحو كما قاله أبو حيان: وأطال فيه والاستفهام للتوبيخ وهو حكاية لما يقال لهم فلا التفات فيه كما قيل وقوله: (أقرّوا به) أي
بالإيمان بالله في عالم الذرّ أو المراد بالإيمان الإيمان بالقوّة والفطرة، وحمل الأمر على الإهانة لتقرّره وتحققه. قوله:(بسبب كفركم الخ (التأويلان بناء على أنّ الأعمال سبب له أو أنه يقع في مقابلتها من غير نظر إلى التسبب فعلى الأوّل الباء سببية وعلى الثاني للمقابلة نحو بعته بكذا وليست بمعنى اللام كما توهم. قوله (يعني الجنة الخ) جعل الرحمة بمعنى الجنة من التعبير لالحال عن المحل والظرفية حقيقية، أو بمعنى الثواب فالظرفية مجازية كما هي في نعيم وعيش رغد إشارة إيى كثرته وشموله له شمول الظرف، وأمّا الرحمة التي هي صفة ذاتية فلا يصح فيها الظرفية، ويدل على هذا التفسير مقابلتها بالعذاب ومقارنتها للخلود، وهذا مجاز نكتته ما ذكره وكان حقه التقديم لشرفه ولكن أخر لما ذكر ومطلعه يأيها الذين آمنوا ومقطعه آخره ومحل انقطاعه فالكلام فيه لف ونشر غير مرتب لهذه النكتة الجليلة، وإنما قال أخرجه مخرج الاستئناف لأنه للتأكيد معنى وإن كان استثنافا ظاهراً. قوله:(إذ يستحيل الظلم منه الخ) الاستحالة مأخوذة من نفي إرادته دونه، أو المراد أنه ثابت بالدليل المذكور وهو إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن نفي الشيء يقتضي إمكانه في الجملة بأنه نفي وان كان مستحيلاكما في نحو لم يلد ولم يولد وقوله لا يحق أي لا يجب عليه شيء حتى يكون تركه كله أو بعضه ظلمآ ولا يحول بينه وبين ما يريد شيء حتى يظلمه بالأخذ منه لأنه المالك المطلق، وقيل: المراد لا لريد ما هو ظلم من العباد لأنّ المقام مقام ٠ أنه لا يضيع أجر المحسنين ولا يمهل الكافرين وأنه المجازيّ ولا يخفى أنّ سوق الكلام يخالفه كما صرح به النحرير وقوله: (فيجازي الخ (بيان لارتباط الكلام بعضه ببعض. قوله: (دل على خيريتهم فيما مضى الخ) يعني أنها كان الناقصة ولا دلالة لها على غير الوجود في الماضي سواء انقطع أو دام فقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} لا يشعر لانهم الآن ليسوا كذلك، وهذا بحسب الوضع وقد يستعمل للأزلية في صفاته تعالى وقد
يستعمل للزوم الشيء وعدم انفكاكه نحو وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ولا فرق فيها بين ما مضى بزمان كثير أو قليل ولو آنا وقيل إنها تدل على الانقطاع كغيرها من الأفعال الماضية وهو قول لبعض النحاة، والمراد بما بين الأمم أنه في علمه معروف بينهم. قوله:(اسئناف الخ) بيان لترك العطف كأنه قيل لم كنا خير أمّة فقال: تأمرون الخ وقيل إنه صفة ثانية لأمّة ووجه تضمن الإيمان ما عداه أنه التصديق به في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه فيلزمه الإيمان بجميع ما جاء منه وثبت أنه حكمه والدليل عليه، قوله تعالى:{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ} اسورة آل عمران، الآية: ١١٠] مع إيمانهم بالله كما في الكشاف، ولما ذكره المصنف. قوله:(وإنما أخره الخ) كان حقه أن يقدم لشرفه فلما أخر على خلاف المتبادر حرك الذهن إلى أن ينظر لوجهه فهو حينئذ تلويح إلى مكان التعليل لأنه من الإخبار عن حصول الجملتين وتفويض الترتيب إلى الذهن ولو قدّم لم يتنبه لهذه النكتة كذا فسره الطيبي فتأمّله. قوله:(واستدل بهذه الآية على أن الإجماع الخ) أي إجماع هذه الأمّة لأنها لا تجتمع على الضلالة كما نطق به الحديث، ودلت عليه هذه الآية بالالتزام لأنهم إذا أمروا بكل معروف ونهوا عن كل منكر لم يمكن اجتماعهم على منكر، والا لم ينهوا عنه لاتفاقهم عليه، وإنما كان للاستغراق إذ لا يصح إرادة معروف ومنكر معين ولا ترجيح لبعضه على بعض فليس الحديث دليلاً آخر كما توهم، ولو قيل قدّم الأمر بالمعروف وأخا. اهتماما وليرتبط الإيمان بما بعده صح، وهو وجه آخر وقوله: فلو اجتمعوا في نسخة أجمعوا وهما بمعنى. قوله:(إيماناً كما ينبغي الأنهم مؤمنون بزعمهم والخيرية فيما هم عليه خيرية دنيوية كالرياسة أو فرضية وقوله: (وهذه الجملة الخ) يعني منهم المؤمنون وما عطف عليه، ولن يضروكم وما عطف عليه للاستطراد وهو أن يذكر في أثناء الكلام ما يناسبه وليس السياق له، والفرق بينه وبين الاعتراض مرّ الكلام فيه ولذا لم يعطفا على الجملة الشرطية قبلهما أعني ولو آمن لأنها معطوفة على كنتم خير أمّة مرتبطة بها على
معنى، ولو آمن أهل الكتاب كما آمنوا وأمروا بالمعروف كما أمروا لكان خيرا لكم، وإنما لم يعطف الاستطراد الثاني