للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا بد أن يكون من جن! ما قبله حتى نقل ابن هشام في تذكرته عن ابن جني أنه لا بدّ من اتحادهما في التذكير، والتأنيث لكن المبرد لا يشترطه إلا أنّ ابن هشام نازع في اشتراطه واستدل بقوله:

وكنت أمشي على ثنتين معتدلأ فصرت أمشي على أخرى من الشجر

وأنها قد تذكر من غير تقدم شيء آخر يقابلها، وتحقيقه ما في المسائل الصغرى للأخفش

في باب عقده له قالط فيه أعلم أنّ آخر إنما يكون من جنس ما قبله تقول أتاني رجل، وأتاك آخر أو وأتاك رجل آخر أو أتاني رجل وأتاك إنسان آخر، ولو قلت: أتاني رجل وامرأة أخرى لم يكن كلاما، ولو قلت: أتاني صديق لك وعدو لك آخر لم يحسن، وربما جيء بآخر توكيدا، ولو لم تقل آخر استغنيت عنه فإن قلت: فهل لا يجوز جاءني صديق لك وعدو لك آخر بحمله على الإنسان قلت: هذا قبيح أن تحملهما جميعاً على المعنى إنما تحمل الأوّل على المعنى إذا كان الكلام قد مضى، ولو قلت: هذا الرجل، ورجل آخر لو لم تقل فيه آخر استغنيت من أجل العطف لأنه لا يظن أنّ الثاني هو الأوّل كما في غير العطف، ولو قلت: جاءني زيد وعمرو آخر لم يجز، وقد يجوز ما امتنع بتأويل كرأيت فرسا وحمارا آخر نظر الدابة قال امرؤ القيس: إذا قلت هذا صاحب ورضيته وقرّت به العينان بذلت آخرا

اص وحاصله أنه لا يوصف به إلا ما كان من جنس ما قبله لتتبين مغايرته في محل يتوهم

فيه اتحاده، ولو تأويلا، ومثله قوله عز وجل: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} وهذا ما عليه استعمال العرب ومن لم يقف على هذا خبط فيه خبط عشواء. قوله: (بليغ القدرة الخ) أخذه من صيغة فعيل فإنها للمبالغة، وقوله: هو خطاب لمن عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الأوّل كان عامّاً وقوله: (لما روي) أنه لما نزلت يعني قوله: د إن تتلوا لا قوله {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}

فإنّ المنقول في الأثر الأوّل حتى نسب من ذهب إلى الثاني إلى السهو كما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير، وقوله: قوم هذا يعني فارس. قوله: (كالمجاهد يجاهد للفنيمة) هذا على التمثيل لا الحصر، وإنما مثلوا به لأنّ ثواب الدنيا، والآخرة معا قلما يجتمع في غير الجهاد والجزاء ليس هذا المذكور لأنه غير مسبب عما قبله فالجواب مقدر أقيمت علته مقامه أي فليطلبه، فإنّ عنده ثواب الدارين أو أنه مؤوّل بما يجعله مترتباً عليه، لأنّ مآله إلى أنه ملوم موبخ لتركه الأهم الأعلى الجامع لما أراده مع زيادة لكن من يشترط العائد في الجواب يقدره، ولذا قال الزمخشرفي المعنى فعند الله ثواب الدنيا والآخرة له إن أراده حتى يتعلق الجزاء بالشرط فلا بد من تقدير الجزاء أي فقد خسر فعند الله ثواب الدنيا، الاخرة وطالبهما رابح، وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أنّ طلب الغنيمة مع نية الجهاد في سبيل الله لا يضرّ وإنما الضار طلب الغنيمة فقط، ولا بعد فيه وقيل إنه لا أجر له، والتفسير الثاني يناسبه لأنه يقتضي عدم اجتماعهما، وقيل: يعتبر الغالب والأسبق. قوله: (عارقاً بالأغراض الخ) إنما فسره بهذا لأنه تذييل لقوله: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} وليس فيها مسموع، ولا مبصر فلذا جعل الصفتين عبارة عن اطلاعه على غرض المريد للدنيا أو الآخرة، والاطلاع عبارة عن الجزاء، وليس مراده إرجاع صفة السمع والبصر إلى العلم حتى يخالف المقرّر في الكلام، ولذا قيل إرادة الثواب إما بالدعاء أو السعي والأوّل مسموع، والثاني: مبصحر فلذا ذيلها بقوله: سميعاً بصيراً، ولا يخفى أنّ ما فعله المصنف رحمه الله تعالى أبلغ لأنّ الاطلاع على نفس الإرادة، والغرض! اطلاعا كالمحسوس أقوى من الاطلاع على آثاره إلا أن في إطلاق العارف على الله شيء لأنهم صرحوا بأنه تعالى يقال له عالم، ولا يقال له عارف لكنه في نهج البلاغة أطلقه عليه تعالى، وقد ورد في غيره أيضا، ولعل النوبة تفضي إلى تحقيقه. قوله: (مواظبين) إشارة إلى أنّ القيام المواظبة كما في قوله تعالى: {يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} (أي يديمونها خصوصاً، وقد ذكر بصيغة المبالغة، وجعلهم شهداء دلّه تعظيما لمراعاة العدالة، وأنهم بالحفظ لها يصيرون من شهداء الله. قوله: @@@

(بأن تفرّوا عليها الخ) يعني الشهادة مجاز عن الإقرار لأنّ شهادة المرء على نفسه لم تعهد، ولذا فسرها ببيان الحق ليشمل الإقرار، ولك أن تقول أنّ المقصود به المبالغة لا حقيقتها، والظرف أعني على أنفسكم كما يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>