ما قبله فكأنه الخ (يعني أنّ أهل الكتاب لما سألوه صلى الله عليه وسلم إنزال كتاب من السماء كما أرادوا بعثنا ليقروا بحقية ما جاء به ورد قولهم بقوله: {أنا أوحينا} الخ. استدراك على ذلك فقال إن لم تلزمهم الحجة، ويشهدوا لك فالله يشهد وكفى به شهيداً، وشهادة الله إثباته لصحته بإظهار المعجزات كما تثبت الدعاوى بالبينات، وإذا ثبتت شهادته ثبتت شهادة الملائكة عليهم الصلاة والسلام لأنّ شهادتهم تبع لشهادته، وقوله: يبينه وقع في نسخة يثبته بالمثلثة، وهما بمعنى وقوله: (روي الخ) هو مروقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. قوله:(إنزله ملتبساً بعلمه الخاص به الخ) فالباء للملابسة، والإضافة تفيد اختصاصا خاصا به لا يليق بالبشر بل بخالق القوى والقدر. وذكر في تفسيره في الكشاف أربعة أوجه فقال معناه أنزله ملتبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره، وهو تأليفه على نظم،
وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة لأة " بيان للشهادة وأنّ شهادته بصحته أنه أنزله بالنظم المعجز الفائت القدرة، وقيل أنزله، وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك وأنك مبلغه، وقيل: أنزله بما علم من مصالح العبادة مشتملا عليه، ويحتمل أنه أنزله، وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة، والملائكة يشهدون بذلك كما قال تعالى: في آخر سورة الجن فقيل عليه أنه جعل العلم بمعنى المعلوم، والمراد بالمعلوم التأليف والنظم المخصوص، وليس هذا من جعل العلم مجازاً عن النظم، والتأليف ولو جعل العلم بمعناه المصدري، ويكون تأليفه بياناً لتلبسه لا للعلم نفسه صح لكن فيه تجوز من جهة أنّ التأليف ليس نفس التلبس بل أثره، والباء على هذا تحتمل الآلية كما يقال فعله بعلمه إذا كان متقناً وعلى ما ينبغي فيكون وصفاً للقرآن بكمال الحسن، والبلاغة وأما في الوجه الثاني، والثالث فالعلم بمعناه والظرف حال من الفاعل أو المفعول، ومتعلق العلم مختلف، وهو كونك أهلاً أو مصالح العباد، وظاهر كلامه أنه على الثاني حال من الفاعل، وعلى الثالث من المفعول، ومبني قوله بما علم من المصالح على أنّ التلبس بالعلم تلبس بالمعلوم أو على أنّ العلم بمعنى المعلوم، وموتع الجملة على الوجهين تقرير للصلة، وبيانها أعني أنزل إليك، وأما على الرابع فحال من الفاعل، ومعنى العلم أنه رقيب عليه حافظ له، والملائكة رصد عليه تحفظه من الشياطين كقوله تعالى:{فإنه يسلك من بين يدبه ومن خلفه رصدا} ويشهدون على هذا من الشهود للحفظ اهـ محصله، وهو ردج على الطيبي إذ جعل العلم مجازاً عن التأليف المخصوص والعلاقة بين الفاعل، والفعل لأنّ الفاعل المتقن الحكييم لا يصدر عنه إلا الفعل المحكم البديع، والمصنف رحمه الله تعالى ترك الوجه الرابع، وهو أن تلبسه بعلمه حفظ له لأنه لا مساس له بهذا المقام. قوله:(فالجار والمجرور على الأوّلين حال الخ) ويحتمل أنه مفعولط مطلق على الوجوه أي إنزالاً ملتبسا بعلمه، وضمير بعلمه لله، وعلى الثالث للقرآن فلذا جعله فيه حالاً من المفعول، وجعل الجملة تفسيراً لما قبلها، وهي قوله أنزل إليك لأنها بيان لإنزاله على وجه مخصوص، والزمخشري جعله بيانا للشهادة، وكلام المصنف يحتمله أيضاً إلا أنه يخالفه في إطلاق التفسير فيها فتدبر. قوله:(أيضاً بنبؤتك الخ) كلام اصخ! ، وشروحه ظاهر في أنّ قوله بما أنزل متعلق بيشهد على أنّ الباء صلة والمشهود به هو ١ ما أنزله وهو الظاهر والمصنف رحمه الله تعالى حيث قال إنهم أنكروه، ولكن الله يبيته، ويقياره بما أنزل إليك من القرآن المعجز الدال على نبوّتك، وقال هنا والملائكة يشهدون أيضا بنجوّتك، ثم قال لعرفوا نبوّتك وشهدوا بها كما عرفت الملائكة، وشهدوا أشار إلى أنّ المشهود به هو النبوّة وأن تعلق بما أنزل تعلق الآلية أي يشهد بنبوّتك بسبب ما أنزل إليك لدلالته بإعجازه على صدقك ونبوّتك كذا قيل، وقيل: إنه بيان لمآل المعنى ومؤذاه فإن شهادته
بصحة ما أنزله من القرآن لإظهار المعجزات المقصود منه إثبات نبوّته فتأمّل. قوله: (وفيه تنبيه على أنهم يودّون أن يعلموا صحة دعوى النبوّة الخ (أي يعلم من سياق النظم أنّ أهل الكتاب في تعنتهم، وسؤالهم كانوا يودّون أي يحبون ويريدون أن يظهر لهم جلية الأمر عياناً ليؤمنوا وهم مخطؤون لأن هذا ليس طريقا للبشر في معرفة الحق والنبوّة بل مخصوص بالملائكة لأنهم يشاهدون ذلك فلذلك أثبتها الله لهم بالإعجاز المحتاج إلى التفكر، والتدبر، وفى كون الجاحدين المعاندين من أهل الكتاب