للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونزول الضرر بك فهل أنت كل العالم وجميع الناس أم تظن أنك مخلد في هذه الدار أم ماذا عسى يكون إذا عملت بالعلم ومشيت على الطريقة التي أمرك الله بها فنهاية ما ينزل عليك ويحل بك أن تكون قتيلًا للحق وشهيدًا للعلم فتظفر بالسعادة الأبدية وتكون قدوة لأهل العلم إلى آخر الدهر، وخزيًا لأهل البدع وقاصمة لظهورهم، وبلاءً مصوبًا عليهم وعارًا لهم، ما داموا متمسكين بضلالهم سادرين في عمايتهم واقعين في مزالقهم، وكم قد سبقك من عباد الله إلى هذه الطريقة، وظفر بهذه المنزلة العلية، وفيهم لك القدوة وبهم الأسوة.

فانظر يا مسكين من قطّعته السيوف ومزقته الرماح من عباد الله في الجهاد فإنهم طلبوا الموت ورغبوا في الشهادة والبيض تغمد في الطُّلى (١) والرماح تغرز في الكُلى (٢) والموت بمرأى منهم ومسمع يأتيهم من أمامهم وخلفهم ومن عن يمينهم وشمالهم فأين أنت من هؤلاء ولست إلّا قائمًا بين ظهراني المسلمين تدعوهم إلى ما شرعه الله وترشدهم إلى تأثير كتاب الله وسنّة رسوله على محض الرأي والبدع، فإن الذي يظن بمثلك ممن يقوم بمقامك إن لم تنجذب له القلوب بادئ بدء ويتبعه الناس بأول نداء، أن يستنكر الناس ذلك عليه ويستعظموه منه وينالوه بألسنتهم ويسيئوا القالة فيه فيكثروا الغيبة له فضلًا عن أن يبلغ ما يصدر منهم إلى الإضرار ببدنه أو ماله فضلا عن أن ينزل به منهم ما نزل بأولئك وهب أنه ناله أعظم ما جوّزه وأقبح ما قدَّره فليس هو بأعظم مما أصيب به من قتل في سبيل الله.

وها أنا أرشدك إلى ما تستعين به على القيام بحجة الله والبيان لما أنزله وإرشاد الناس إليه على وجه لا تتعاظمه وتقدر فيه ما كنت تقدره من تلك


(١) الطّلى: جمع طُلية؛ العنق.
(٢) الكُلى: جمع كُلية.

<<  <   >  >>