للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بين منتصف القرن الحادي عشر الهجري ومنتصف القرن الثالث عشر الهجري)، وموقع الشوكاني فيها ثانيًا، ونحن نشاطر الأستاذ شاكر الرأي، بأن تلك الحركة، وتلك المرحلة، تمثل مرحلة "يقظة" حقيقية، و "نهضة" عربية وإسلامية صحيحة (١). وفي رأينا أنه لو قُدِّر لتلك الحركة التواصل والاستمرار، ورافقها إصلاح وتجديد في الفكر السياسي الإسلامي ونظام الحكم، لنتج عنها نهضة قوية شاملة وراسخة، وذلك لأنها كانت تهدف إلى إحياء وتجديد علم الأمة، ولغتها وثقافتها، التي أصيبت بالركود والشَّلل عقب إغلاق باب الاجتهاد، وشيوع ظاهرة الرأي الواحد، الذي أفرزته ظاهرة الحكم الفردي والاستبداد السياسي، بعد تحول الخلافة إلى ملك.

ولأنها سعت إلى تحرير العقول من أسر التقليد والجمود والمحاكاة، لكي يسترد العقل العربي والإسلامي، مقدرته على التفكير والإبداع، ومن ثم امتلاكه القدرة على اكتشاف السنن والأسباب الكامنة وراء تقدم وازدهار الشعوب والأمم أو انحطاطها، والتعامل معها بقدر أكبر من الثقة بالنفس، كأساس لاستعادة وامتلاك الأمة لأسباب حضارتها ومقومات رقيِّها وازدهارها.

ولأن أفكارها مُستمدة من الينابيع الجوهرية والنَّقية للفكر العربي الإسلامي، كونها نابعة من ذات الأمة، ومرتبطة بهويتها وتراثها ومرجعيتها الفكرية والحضارية، وليست مستعارة من خارجها كما هو الحال مع المرحلة التي اعقبت الحملة الفرنسية على مصر عام ١٢١٣ هـ ١٧٩٨ م التي مهَّدت لظهور تيار التغريب الداعي التي تبني النموذج الحضاري الغربي، بدلًا من النموذج الحضاري العربي الإسلامي، ولم يكن المشروع الحضاري الغربي الذي بشَّر به ذلك التيار التغريبي سوى محاولة "للإنفصال عن الموروث،


(١) المصدر السابق ص ١٢٥.

<<  <   >  >>