للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو التدريس (١)) لإشاعة هذه النزعة العلمية والتحررية في بيئتهم التي غلب عليها طابع التقليد والتعصب (٢)، إذ دعوا إلى نبذ التقليد وإلى انتهاج مبدأ الاجتهاد القائم على إعمال العقل وتمحيص الأفكار السابقة وغربلتها، وقد لقيت جهودهم وأفكارهم مقاومة شديدة من قبل أولئك المتعصبين الذين شنُّوا ضدهم حملاتٍ دعائية واسعة وأذاقوهم ألونًا من القهر والاضطهاد (٣). ومن أبرز أولئك العلماء والمجددين الذين نبغوا في مجال "الفكر الإسلامي" بخاصة:

- الحسن بن أحمد الجلال (ت ١٠٨٤ هـ)، يحيى بن الحسين بن القاسم (ت ١٠٩٩ هـ) تقريبًا، صالح بن مهدي المقبلي (ت ١١٠٨ هـ)، ومحمد بن إسماعيل الأمير (ت ١١٨٢ هـ) ويعد هؤلاء العلماء في طليعة المجتهدين - خلال هذه المرحلة - الذين تحرروا من ربقة التقليد والتعصب المذهبي، وتحلّو بروح الإنصاف (الموضوعية) وبالمقدرة على الإبتكار والتجديد، وعلى إعادة صياغة الفكر الإسلامي، وتنقيته مما علق به من البدع


(١) كان في شيوخ الشوكاني عدد من هؤلاء المجتهدين أمثال: عبد القادر بن أحمد الكوكباني (ت ١٢٠٧ هـ) علي بن إبراهيم عامر (ت ١٢٠٧ هـ)، القاسم بن يحيى الخولاني (ت ١٢٠٩ هـ)، الحسن إسماعيل المغربي (ت ١٢٠٨ هـ).
(٢) جمعت هذه المرحلة التاريخية في اليمن بين النقيضين، فإنه كان إلى جانب ذلك العدد الكبير من المجتهدين والمستنيرين تيارًا كبيرًا وقويًا من أنصار التقليد والمتعصبين للمذاهب، وقد نشطت حركت التأليف في أوساط هؤلاء المقلدة نشاطًا ملحوظًا، إما للدفاع عن الأفكار التي يتعصبون لها، وإما للتصدي لأفكار المجددين، لذلك، فمن الطبيعي أن يكون الطابع العام لمؤلفاتهم هو التقليد والتعصب، وخلوها من الإضافة أو التجديد (راجع: الغماري الإمام الشوكاني مفسرًا ص ٥٣ - ٥٤)، وكان لهؤلاء المقلدين نفوذ كبير وسطوة واسعة في المجتمع (كما سنرى في الفقرات اللاحقة).
(٣) انظر ص ٩٦، ٩٧، من هذا الكتاب أيضًا، د. عبد العزيز المقالح قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة بيروت: دار العودة (١٩٨٢) ص ٢١٨.

<<  <   >  >>