للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن قدامة (١) وابن حزم وابن تيمية ومن سلك مسالكهم. فإن المجتهد يزداد بذلك علمًا إلى علمه، وبصيرة إلى بصيرته، وقوة في الاستدلال إلى قوته، فإن تلك المؤلفات هي مطارح أنظار المحققين، ومطامح أفكار المجتهدين، وكثيرًا ما يحصل للعالم من النكت واللطائف الصالحة للاستدلال بها ما لا يحصل للعالم الآخر، وإن تقاربت معارفهما وتوازنت علومهما، بل قد يتيسر لمن هو أقل علمًا ما لا يتيسر لمن هو أكثر علمًا من الاستدلال والجواب والنقض والمعارضة، وكما قيل:

ورأيان أحزم من واحد … ورأي الثلاثة لا ينقض

وكما قيل (٢):

ولكن تأخذ الأفهام منه … على قدر القرايح والعلوم

ولا سيما مؤلفات أهل الإنصاف الذين لا يتعصبون لمذهب من المذاهب ولا يقصدون إلَّا تقرير الحق وتبيين الصواب فإن المجتهد الطالب للحق ينتفع بها ويستعين بأهلها فينظر فيما قد حرروه من الأدلة وقدروه من المباحث ويُعمِلْ فكره في ذلك فيأخذ ما يرتضيه ويزيد عليه ما بلغت إليه قدرته، ووصلت إليه ملكته غير تارك للبحث عن تصحيح ما قد صححوه وتضعيف ما قد ضعفوه على الوجه المعتبر. ومن حق الإنصاف ولازم الاجتهاد أن لا يُحسن الظن أو يسيئه بفرد من أفراد أهل العلم على وجه يوجب قبول ما جاء به أو رده من غير إعمال (٣) فكر وامعان نظر وكشف


(١) من فقهاء الحنابلة وهو عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة توفي سنة ٦٢٠ له كتاب المغني في الفقه وغيره.
(٢) البيت للمتنبي من قصيدة له، انظر ديوانه بشرح البرقوقي ٤/ ٢٤٦.
(٣) من (ب) إهمال.

<<  <   >  >>