للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمناره، وغسل لما قد لوثوا به أهله من القذر الذي يلقونه عليهم وينجسونهم به، والله المرجو فعنده الخير كله. وهو أغير على دينه، وهو أكرم عليه من أن يهان أو يضام أهله.

وفيهم أفراد قليلون يصلحون بتعلم العلم ويتشبهون بأهله ويجرون على نمط من يتعلمون منه ويأخذون عنه إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. ولكن ما أقل من يكون هكذا منهم.

فإن قُلتَ: وما هذه الأهلية التي يكون صاحبها محلًا لوضع العلم فيه وتعليمه إياه؟.

قُلتُ: هي شرف المحتد وكرم النجار (١) وظهور الحسب، أو كون في سلف الطالب من له تعلق بالعلم والصلاح ومعالم الدين، أو بمعالي الأمور ورفيع الرتب. وقد أشار إلى هذا النبي في الحديث الثابت عنه في الصحيح فقال: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" (٢). فاعتبر الخيار في الجاهلية، وليس ذلك لأمر يتعلق بالدين، فإنه لا دين لأهل الجاهلية، بل المراد بخيار أهل الجاهلية من كان منهم من أهل الشرف وفي البيوت الرفيعة، فإن هذا أمر يجذب بطبع صاحبه إلى معالي الأمور، ويحول بينه وبين الرذائل، ويوجب عليه إذا دخل في أمر أن يكون منه في أعلى محل وأرفع رتبة، فمتعلم العلم منهم يكون في أهله على أتم وصف وأحسن حال غير شامخ بأنفه، ولا متباه بما حصّله ولا مترفع على الناس بما نال منه، وأما


(١) النِّجار، النُّجار: الأصل والحسب.
(٢) أخرجه البخاري ومسلم: اللؤلؤ والمرجان ٣/ ١٧٧ (١٦٤٢)، أحمد ٢/ ٢٥٧، ٢٦٠، ٣٩١، ٣/ ٣٦٧، وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (٢٠٦٦٤١)؛ الهيثمي مجمع الزوائد ١/ ١٢١.

<<  <   >  >>