للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معصية الله" (١) كما هو ثابت في الصحيح. وهذا الذي أخرج بعض ماله إلى بعض ورثته مخالفة لما فرضه الله تعالى من المواريث. ثم سمى ذلك البعض نذرًا لم يبتغ به وجه الله ولا أطاعه به، بل ابتغي به وجه الشيطان الذي وسوس له بأن يخالف الشرع، وأطاعه بمعصية الله. وهكذا من أخرج بعض ماله على تلك الصفة بالوصية، فإن هذه الوصية المتضمنة للمفاضلة بين الورثة ليست الوصية التي شرعها الله تعالى لعباده بل وصية طاغوتية فإن الوصية الشرعية هي التي يقول فيها النبي : "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث" (٢) ويقول فيها الرب تبارك تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً﴾ [النساء: ١٢] ويقول فيها ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٨٢]. والمراد بالإصلاح إبطال ما جاء به من الفساد في وصيته. وقد ورد عن النبي : "أن الضرار في الوصية من أسباب النار وأنه يحبط عبادة العمر" كما أخرج ذلك جماعة وصححه من صححه (٣) فمن جاءته من هذه الوصايا المشتملة على الضرار بوجه من الوجوه فأنفذها من الثلث مستدلًا على ذلك بمثل حديث: "الثلث والثلث كثير" (٤) ويمثل ما ورد من سائر الآيات والأحاديث القاضية بالوصية على الإطلاق، فقد غلط غلطًا


(١) وردت أحاديث كثيرة مؤكدةً على هذه المعاني انظر: النسائي ٧/ ٢٨، والبيهقي ١٠/ ٢٧٠، الطبراني ٢١/ ٢٣ (١٠٩٣٣) مجمع الزوائد ٤/ ١٨٦؛ الحاكم ٤/ ٣١٩ - ٣٤٠ (٧٨٤٠ - ٧٨٤٢)، نيل الأوطار ٦/ ٢٧٣ - ٢٧٤.
(٢) أخرجه أحمد ٥/ ٢٦٧؛ أبو داود (٢٨٥٣، ٣٥٤٨)؛ الترمذي (٦٦٥، ٢٢٥٣)؛ ابن ماجه (٢٠٠٧، ٢٧١٣، ٢٢٩٥)؛ البيهقي ٤/ ١٩٣ - ١٩٤، ٦/ ٧٢، ٢٤٤،٨٨؛ الطبراني ٨/ ١٣٥، ١٧/ ٣٠ - ٣٣.
(٣) راجع نيل الأوطار ٦/ ٤٢.
(٤) أخرجه: البخاري (٢٧٤٣) ومسلم (١٦٢٩)؛ أحمد (٢٠٣٤، ٢٠٧٦)، النسائي ٦/ ٢٤٤؛ ابن ماجه (٢٧١١)؛ الطبراني ١٠/ ٢٩٧ (١٠٧١٩).

<<  <   >  >>