للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيّنًا. فإن هذه الوصية التي قال فيها النبي الثلث والثلث كثير هي وصية قربة. كما في القصة المشهورة الثابتة في الأمهات: "أن سعد بن أبي وقاص استأذن رسول الله أن يتصدق بجميع ماله فما زال يُنازله حتى قال له: "الثلث والثلث كثير" (١).

وهكذا ما ورد من قوله : "إن الله جعل لكم ثلث أموالكم في آخر أعماركم" فإنه قيّده بقوله في آخره "زيادة في حسناتكم" (٢) ولا يزيد في الحسنات إلا ما كان قربة. وأما وصايا الضرار المتضمنة لمخالفته ما شرعه الله فهي زيادة في السيئات لا زيادة في الحسنات فتبين لك أن هذه الوصية التي أذن بها النبي ليست وصية الضرار، فإن تلك قد أخرجها الله من عموم مشروعية الوصية بقوله: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً﴾ [النساء: ١٢٠]. وأخرجها النبي بما تقدم من الوعيد الشديد لمن يضار في وصيته ويمنع الوصية للوارث حتى ثبت في بعض الروايات بلفظ لا تجوز وصيته لوارث. وقد أوضحته في أبحاث متعددة من مصنفاتي (٣). وليس المراد ههنا إلا إرشاد طالب الإنصاف إلى عدم الاغترار بما يفعله المتلاعبون بأحكام الشرع من


(١) أخرج حديث سعد بن أبي وقاص، البخاري ومسلم اللؤلؤ والمرجان ٢/ ١٦٣ - ١٦٤ (١٠٥٣).
(٢) رواه الدارقطني ٤/ ١٥٠؛ الطبراني ٢٠/ ٤٧ مجمع الزوائد ٤/ ٢١٢ وقال: وفيه عتبة بن حمد الضبي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أحمد وللحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن".
(٣) بالإضافة إلى تناول المؤلف لهذا الموضوع ضمن كتبه الفقهية فقد أفرد له عدة أبحاث و (رسائل):
- بحث فيمن أوصى بالثلث قاصدًا إحرام الوارث، (خ) مكتبة الجامع الكبير بصنعاء (المكتبة الشرقية (٥٠ مجاميع).
- بحث في وصايا الضرار (خ): المصدر السابق. =

<<  <   >  >>