- قد يحدث التقليد والتعصب لنتيجة أو انعكاس لتردي الأوضاع السياسية وخاصة عندما تنحرف السلطة السياسية عن قواعد ومبادئ الزيدية في الحكم، القائم على إشاعة العدل واحترام الحريات ومقاومة الظلم والاستبداد، فتجنح تلك السلطة إلى الطّغيان والاستبداد، فينعكس ذلك على البنى الاجتماعية والفكرية، ويصيبها بالتشوه، ويغلب عليها التقليد والتعصب وضيق الأفق والاستبداد بالرأي، لأن الفكر لا يمكن له أن يزدهر أو ينمو نموًا صحيحًا خاليًا من التشوهات والانحرافات الفكرية، إلّا في ظل مناخات وأنظمة سياسية توفر العدل وترعى الحريات ولا تضيق بالمعارضة أو النقد.
- كما إن ظهور التطرف والمغالات في التشيع قد لا يخلو من تأثير خارجي، إذ كان يفد إلى اليمن بعض الأفراد أو الجماعات من فارس (إيران) إما لغرض السياحة أو العمل والتجارة ويعمدون أثناء إقامتهم باليمن إلى بث ونشر مذهبهم "الإمامي" في أوساط العامة ومن أبرز أولئك الأشخاص وأكثرهم تأثيرًا: يوسف العجمي، الذي قدم إلى اليمن عام ١١٦٠ هـ، وقد تمكن من الاتصال بالإمام المنصور، الحسين بن القاسم (حكم اليمن من سنة ١١٣٩ - ١١٦١ هـ) فأعجب به المنصور وحظي عنده، وبالغ في إكرامه وتعظيمه وكلفه بالتدريس في فضائل الإمام علي بالجامع الكبير بصنعاء، وقراءة شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد في مجلس المنصور، بحضور العلماء، أمّا الدرس الذي كان يلقيه في الجامع الكبير بين العشائين، فقد كان يتم في جو من المهابة، إذ أمر المنصور أن ينصب له كرسي في المسجد، وأن تسرج الشموع الكثيرة بين يديه (١)، وكلَّف الشَّوش من أهل الدولة
(١) يلاحظ أن عادة نصب الكرسي وإسراج الشموع لكل من يدرس في فضائل الإمام علي، قد استمرت حتى بعد رحيل هذا الشخص عن اليمن، راجع ص ١٠٢، ١٥٢ من هذا الكتاب.