للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسمه للباحثين في هذا الكتاب، فيقع في الأخطاء التي حذَّرهم من الوقوع فيها، فإما أن يقع في التقليد دون أن يشعر، أو ينساق وراء عواطفه وانفعالاته، فتأتي آراءه أو أحكامه، بعيدة عن الإنصاف والموضوعية، وسنعرض هنا لمسألتين وقع منه الخطأ فيهما:

١ - مطالبته بإنزال عقوبة الإعدام على بعض المقلدين، بتهمة الكفر والزندقة: لاحظنا فيما سبق، وجود بعض المقلدة في أوساط الزيدية، ونقد الشوكاني العنيف لهم، ولكن البعض من هؤلاء المقلدة - كما يفهم من كلام الشوكاني - قد أدى بهم الإفراط في التقليد والغلو في التشيع إلى تجاوز الحد في التطرف والتعصب لوجهة نظرهم، فأصبحوا لا يتورعون، أثناء دفاعهم. عن وجهة نظرهم تلك، في أبحاثهم أو مناقشاتهم عن التطاول على كبار الصحابة، والعلماء الذين يخالفون وجهة نظرهم وسبَّهم وسلب أعراضهم، بل وصل بهم الأمر كما يقول الشوكاني إلى التهاون بالشريعة والتلاعب بالدين والطعن علي الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، فضلًا عن غيرهم من المتمسكين بالشرع، وكل عارف إذا سمع كلامهم وتدبر أبحاثهم يتضوع له منها روائح الزندقة بل قد يقف منها على صريح الكفر … " (ص ٢١٠).

ولذلك طالب الشوكاني بتطبيق حكم الأعدام ضد هؤلاء بتهمة الكفر والزندقة. مستدلًا بأحكام القضاة (في غير اليمن) ضد أمثال هؤلاء وناعيًا على اليمنيين عدم تطبيق مثل هذه الأحكام: ولقد كان القضاة من أهل المذاهب في البلاد الشامية والمصرية والرومية (أي العثمانية) .. يحكمون بإراقة دم من ظهر منه دون ما يظهر من هؤلاء حسبما تحكيه كتب التاريخ، وقد أصابوا أصاب الله بهم" (ص ٢١٠ - ٢١١).

ولكن من حسن حظ اليمن واليمنيين، وحظ الشوكاني أيضًا، أن هذه الفكرة لم تصل إلى مرحلة التطبيق العملي لأن الظروف لم تكن مهيئة لذلك

<<  <   >  >>