للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الحسب والنسب" فيقول: فإن قلت: وما هذه الأهلية التي يكون صاحبها محلًا لوضع العلم فيه وتعليمه أياه؟ قلت: هي شرف المَحْتَد وكرم النَّجَار وظهور الحسب أو كون في سلف الطالب من له تعلق بالعلم والصلاح ومعالي الأمور ورفيع الرتب … " (ص ٢١٣).

فهذه الطبقة الاجتماعية هي التي يراها أهلًا للعلم، أما غيرها من فئات وطبقات المجتمع وخاصة تلك التي تزاول الأعمال والمهن الإنتاجية أو الحرف والأعمال اليدوية فلا يراهم أهلًا لتلقي العلم … بل ويوصي بإبعادهم وطردهم من مجالس العلم … وإلزامهم بممارسة مهن آبائهم لأن تعليمهم إنما هو بمثابة وضع العلم في غير أهله (ص ٢١٩). ويؤكد رأيه بأن هذه الفئات لا تصلح للعلم نهائيًا وإن وجد منهم أفراد قلائل فإنما يعود ذلك إلى النسب الرفيع الذي قد يكون غير معلوم في سلفهم "ومن أنكر هذا فعليه بالاستقراء والتتبع فإنه سيجد ما وجدناه ويقف على ما حكيناه ولا يخرج من هؤلاء إلّا النادر القليل، ولا يكون ذلك إلّا لعرق ينزعه إلى الشرف ويجذبه إلى الخير في سلفه القديم وإن جهله من لم يعرف .. " (ص ٢١٥).

فهذه النظرة والحكم الجائر من الشوكاني لا تتعارض مع منهجه وآرائه في معظم كتبه (١). ولا مع إنصافه وتسامحه فحسب، ولكنها تتعارض مع جوهر الدين الإسلامي الذي يرفض التمييز بين اتباعه، بل يرفض التمييز بين البشر فكلهم لآدم وآدم من تراب، والأكرم عند الله هو الأتقى (٢).


(١) يصور موقف الشوكاني في هذه المسألة، وكأنه قد تراجع عن موقفه السابق الذي أعلنه عام ١٢١٦ هـ أي قبل تأليف هذا الكتاب بسبع سنوات عندما دعا إلى نشر وتعميم التعليم في جميع القرى والمدن اليمنية، كما جاء في رسالته: الدواء العاجل في دفع العدو الصائل، ضمن الرسائل السلفية القاهرة: (١٩٣٠ م) ص ٣٥.
(٢) عبد العزيز المقالح / قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>