للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يقرر عند (١) نفسه أن هذا العمل الذي هو بصدده هو تحصيل العلم كما شرعه الله لعباده والمعرفة لما تعبّدهم به في محكم كتابه وعلى لسان رسوله والوقوف على أسرار كلام الله ﷿ ورسوله ، وإن هذا المطلب الذي هو بسبب تحصيله ليس هو من المطالب التي يقصدها مَن هو طالب للجاه والمال والرياسة بل هو مطلب يُتاجِر به الربّ سبحانه وتكون غايته العلم بما بعث الله به رسله وأنزل فيه كتبه، وذلك سبب الظفر بما عند الله من خير ومثل هذا لا مدخل فيه لعصبية ولا مجال عنده لحمية بل هو شيء بين الله سبحانه وبين جميع عباده تعبّدهم به تعبّدًا مطلقًا أو مشروطًا بشروط وأنه لا يخرج عن ذلك فرد من أفرادهم، بل أقدامهم (٢) متساوية في ذلك عالمهم وجاهلهم وشريفهم ووضيعهم وقديمهم وحديثهم ليس لواحدٍ. منهم أن يدعي أنه غير متعبّد بما تعبّد الله به عباده أو أنه خارج عن التكليف أو أنه غير محكوم عليه بأحكام الشرع ومطلوب منه ما طلبه الله من سائر الناس فضلًا عن أن يرتقي إلى درجة التشريع وإثبات الأحكام الشرعية وتكليف عباد الله سبحانه بما يصدر عنه من الرأي، فإن هذا أمر لم يكن إلّا لله سبحانه لا لغيره من البشر كائنًا من كان، إلا فيما فوّضه إلى رسله، وليس لغير الرّسل في هذا مدخل بل الرّسل أنفسهم (٣) متعبّدون بما تعيّدهم الله به مكلّفون بما كلفهم (٤) به مطلوبون بما طلبه منهم وتخصيصهم بأمور لا تكون لغيرهم لا يوجب خروجهم عن كونهم كذلك، بل هم من جملة البشر ومن أفراد (٥) العباد في التكليف بما جاؤوا به عن الله وقد أخبروا


(١) في (ب) أن يقرّ في نفسه.
(٢) في (ب) من أقدامهم بل أقوالهم.
(٣) في (ب) منهم.
(٤) في (ب) كلفوا.
(٥) في (ب) سائر العباد.

<<  <   >  >>