للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خارج الصحاح من طرق "إنه إذا أصاب فله عشرة أجور" وقد صححه الحاكم في المستدرك (١) وفضل الله واسع وعطاؤه جمّ وليس لك أن تعتقد أن صوابه صواب لك أو خطأه خطأ عليك (٢) بل عليك أن توطن نفسك على الجد والاجتهاد والبحث بما يدخل تحت طوقك وتحيط به قدرتك حتى تبلغ إلى ما بلغ إليه من أخذ الأحكام الشرعية من ذلك المعدن الذي لا معدن سواه، والموطن الذي هو أول الفكر وآخر العمل. فإن ظفرت به فقد تدرجت من هذه البداية إلى تلك النهاية وإن قصرت عنه لم تكن ملومًا بعد أن قررت عند نفسك وأثبت في تصوّرك أنه لا حجة إلّا لله، ولا حكم إلّا منه، ولا شرع إلّا ما شرعه وإن اجتهادات المجتهدين ليست بحجة على أحد، ولا هي من الشريعة في شيء بل هي مختصة بمن صدرت عنه لا تتعداه إلى غيره، ولا يجوز له أن يحمل عليه أحدًا من عباد الله ولا يحل لغيره أن يقبلها عنه ويجعلها حجة عليه يدين الله بها، فإن هذا شيء لم يأذن الله به، وأمر لم يسوغه لأحد من عباده، ولا يغرّك ما استدل به القائلون بجواز التقليد فإنه لا دلالة في شيء مما جاءوا به على محلّ النزاع وقد أوضحنا ذلك في مؤلف مستقل وهو (القول المفيد في حكم التقليد) (٣) فارجع إليه إن بقي في صدرك حرج فإنك تقف فيه على ما يريحك وينثلج به صدرك ويفرخ عنده روعك.

فإن قلت: وكيف يقتدر على تصوّر ما أرشدت إلى تصوره ويتمكن من توطين نفسه على ما دللت عليه مَن أراد الشروع في العلم بادئ بدء وهو إذ ذاك لا يدري ما الشرع ولا يتعقل الحجة ولا يعرف الإنصاف ولا يهتدي إلى ما هديته إليه إلا بعد أن يتمرن ويمارس ويكون له من العلم ما يفهم به ما


(١) الحاكم/ المستدرك (طبعة دار الكتب العلمية/ بيروت) ٤/ ٩٩ رقم (٧٠٠٤).
(٢) في (ب) عليه.
(٣) طبع في مصر سنة ١٣٤٠ هـ.

<<  <   >  >>