للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تريد منه؟ قلت: ما أرشدت إليه يعرف بمجرد العقل وسلامة الفطرة (١)، وعدم ورود ما يرد عليها مما يغيرها، وعلى فرض ورود شيء من المغيّرات عليها كاعتقاد حقية التقليد ونحوه فارتفاع ذلك يحصل بأدنى تنبيه فإن هذا أمر يقبله الطبع بأول وهلة لمطابقته للواقع وحقيته، وكل ما كان كذلك فهو مقبول، والطبائع تنفعل له انفعالًا بأيسر عمل وأقل إرشاد وهذا أمرٌ يعلمه كل أحد، ويشترك في معرفته أفراد الناس على اختلاف طبقاتهم ولهذا نبّه عليه الشارع فقال: "كل مولود يُولدُ على الفطرة ولكن أبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجسانه (٢) "وهو ثابت في الصحيح.

وإني أخبرك أيها الطالب عن نفسي تحدثًا بنعمة الله سبحانه، ثم تقريبًا لما ذكرت لك، من أن هذا الأمر كامن في طبائع الناس ثابت في غرائزهم وإنه من الفطرة التي فطر الله الناس عليها: إني لما أردت الشروع في طلب العلم ولم أكن إذ ذاك قد عرفت شيئًا منه حتى ما يتعلق بالطهارة والصلاة إلّا مجرّد ما يتلقاه الصغير من تعليم الكبير لكيفية الصلاة والطهارة ونحوهما، فكان أول بحث طالعته بحث كون الفرجين من أعضاء الوضوء في الأزهار وشرحه، لأن الشيخ الذي أردت القراءة عليه والأخذ عنه كان قد بلغ في تدريس تلامذته إلى هذا البحث فلما طالعت هذا البحث قبل الحضور عند الشيخ رأيت اختلاف الأقوال فيه فسألت والدي عن تلك الأقوال: أيها يكون العمل عليه؟ فقال: يكون العمل على ما في الأزهار، فقلت: [هل] صاحب الأزهار أكثر علمًا من هؤلاء؟ قال: لا، قلت: فكيف كان


(١) قارن بابن الوزير / إيثار الحق على الخلق ص ٣٢، ٣٥.
(٢) أخرجه البخاري ومسلم.
اللؤلؤ والمرجان ٣/ ٢١٢ (١٧٠٢)، أحمد ٢/ ٢٣٣، ٢٧٥، ٢٨٢، ٣٩٣، ٤١٠، ٤٨١، ٣/ ٣٥٣، أبو داود: ٤٧١٤، ٤٧١٦، البيهقي ٦/ ٢٠٢ - ٢٠٣، الطبراني المعجم الكبير ١/ ٢٨٢ - ٢٨٥ (من رقم ٨٢٦ - ٨٣٥).

<<  <   >  >>