للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطم (١) البلاء وتفاقم الأمر وعمّ الضرر. ولو نظر ذلك المتعصب بعين الإنصاف ورجع إلى عقله وما تقتضيه فطرته الأصلية، لكف عن فعله وأقصر عن غيه وجهله ولكنه قد حيل بينه وبين ذاك وفرغ الشيطان منه إلّا من عصم الله وقليل ما هم. وهكذا صاحب المعرفة وحامل الحجة وثاقب الفهم لو وطّن نفسه على الإرشاد وتكلم بكلمة الحق ونَصرَ الله سبحانه ونصر دينه وقام في تبيين ما أمره الله بتبيينه لحمد مسراه وشكر عاقبته وأراه الله سبحانه من بدائع صنعه وعجائب وقايته، وصدق ما وعد به من قوله ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحج: ٤٠] [و] ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧)[محمد: ٧] ما يزيده ثباتًا ويشد من عضده ويقوي قلبه في نصرة الحق ومعاضدة أهله.

ومن تأمل الأمر كما ينبغي عرف أن كل قائم بحجة الله إذا بيّنها للناس كما أمره الله وصدع بالحق وضرب بالبدعة في وجه صاحبها وألقم المتعصب حجرًا وأوضح له ما شرعه الله لعباده، وإنه في تمسكه بمحض الرأي مع وجود البرهان الثابت عن صاحب الشرع، كخابط عشوي، وراكب العمياء، فإن قبل منه، ظفر بما وعده رسول الله من الأجر في حديث: (لأن يهدي الله على يديك رجلًا) (٢) الحديث، وإن لم يقبل منه كان قد فعل ما أوجب الله عليه وخلّص نفسه من كتم العلم الذي أمره الله بإفشائه، وخرج من ورطة أن يكون من الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى، ودفع الله عنه ما سوّلته له نفسه الأمّارة من الظنون الكاذبة والأوهام


(١) في (ب) فتعاظم الأمر، وعم البلاء.
(٢) في رواية البخاري ومسلم: لأن يهدي الله بك رجلٌ واحد خير لكم من حمر النعم" اللؤلؤ والمرجان ٣/ ١٣٢ (١٥٥٧)، أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٣٣٣، أبو داود، في باب العلم رقم ١٠: مجمع الزوائد ٥/ ٣٣٤، ابن عبد البر في التمهيد ٢/ ٢١٨؛ جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٢٢.

<<  <   >  >>