للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحوبه بطون الصفحات، حتى اجتمعا في مجلس ندوة العلماء بلكهنؤ سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة

وألف، فأصلح أعضاء الندوة بينهما، فبادر إبراهيم إلى المصافحة، فتصافحا على رؤوس الأشهاد ولم

يخالفا قط، ثم في آخر أمره تذكر عهده بزمزم والحطيم وهاجر من الهند، فسافر إلى الحجاز ونجد

وغيرهما من بلاد العرب، فمات بها.

وله مصنفات عديدة، أحسنها طريق النجاة في ترجمة الصحاح من المشكاة وسليقه ترجمة الأدب

المفرد للإمام البخاري، وتفسير الجزء الآخر من القرآن الكريم، وفقه محمدي شرح الدرر البهية

للشوكاني، وأركان الإسلام والقول المزيد في أحكام التقليد وتلخيص الصرف وتلخيص النحو وغير

ذلك، وكلها بلغة أهل الهند.

مات في اليوم السادس من ذي الحجة سنة تسع عشرة وثلاثمائة وألف، ودفن في المعلاة.

المولوي أبو بكر بن محمد الجونبوري

الشيخ الفاضل أبو بكر بن أبي الخير محمد بن سخاوت علي العمري الجونبوري، أحد العلماء

الصالحين، ولد سنة سبع وتسعين ومائتين وألف بمدينة جونبور وحفظ القرآن، وقرأ الرسائل

المختصرة على والده وعلى السيد أمين بن طه الشريف الحسني النصير آبادي، ثم لازم الشيخ عبد

الله الغازيبوري ببلدة آره، وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية، وقرأ صحيح البخاري وبلوغ المرام على

القاضي محمد بن عبد العزيز المجهلي شهري، وحصلت له الإجازة منه، ودرس ببلدة جونبور سنتين

في حياة والده، ثم تولى النظارة في المدرسة القرآنية لجده، ثم اختير أستاذاً لمادة الدين في الجامعة

الإسلامية، في عليكده، وناظراً للقسم الديني في هذه الجامعة ومشرفاً عليه، فمكث مدة ثلاث عشرة

سنة يدرس ويشرف على الشؤون الدينية في الجامعة ويصلي بالناس في جامع الجامعة متمتعاً

باحترام الطلبة والأساتذة وثقة رجال الإدارة، واتفقت الألسن على الثناء عليه، والاعتراف بفضله

ونزاهته، وسداد رأيه، وحسن قصده، علت بسببه وبأخلاقه وسماحته وفهمه للأمور منزلة العلماء

وأهل الدين في عيون رجال التعليم الحديث والمشتغلين بالعلوم العصرية، وحسن رأيهم فيهم،

وأجلوهم وبقي على ذلك يدرس ويفيد، حتى أصيب بالآكلة، وعانى من شدة المرض وبرحائه ما لا

يتحمله كثير من الأقوياء وهو صابر محتسب ذاكر لله تعالى، فأحيل إلى المعاش، وعاد إلى وطنه

مكرماً، مأسوفاً عليه، حيث توفي إلى رحمة الله لست بقين من شعبان، سنة تسع وخمسين وثلاثمائة

وألف، ودفين عند والده.

كان الشيخ أبو بكر متفنناً في العلوم والفضائل، راسخاً في العلوم العقلية والنقلية، له اليد الطولى في

الفقه والفرائض، والهيئة والهندسة، وعلم الحساب والتقويم، له ذوق أصيل ونظر ثاقب في الشعر

الفارسي والأردي، كان كثير المحفوظ منه يتمثل بأحسن أبباتهما في مواقعهما، فيعجب الحاضرون

بحسن استحضاره، وحسن بداهته، لطيف العشرة، حلو المنطق، أليفاً ودوداً، خفيف الظل والروح،

يستطيب مجلسه وحديثه رجال كل طبقة، ولا يملونه، سمع النفس، متواضعاً بشوشاً، طارحاً للتكلف،

لا يتطاول بالعلم، ولا يتظاهر بالتقوى، ولا يتميز عن الناس، متصلباً في العقائد والأصول متسامحاً

في المسائل والفروع، وكان على عقيدة سلفه، أتباع سيدنا الإمام أحمد بن عرفان الشهيد رحمه الله،

بايع سيدنا ضياء النبي الحسني الرائي بريلوي، واستقام على دين متين، وسمت حسن، وأخلاق

مرضية، وبر ومواساة، وإيثار وكرم، حتى لقي ربه.

كان نحيف الجسم، مديدة القامة، أسمر اللون، خفيف لحم الوجنتين، رزيناً وقوراً، خفيفاً نشيطاً في

العمل، متخففاً في اللباس، يتعمم في غالب الأوقات، وكان حسن الخط، مليح الكتابة، بارعاً في

الحساب.

له مصنفات قليلة، منها: رسائل في الهيئة والهندسة، ورسالة في أصول الحديث، ورسائل في التعليم

الديني للأطفال، ومجموع خطب للجمع والأعياد، وكان ممن يرى الجمعة في القرى وينتصر لذلك،

وله رسالة في إثباتها، وانتخاب لأبيات المثنوي المعنوي، وسيرة الرسول، كتاب في السيرة النبوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>