للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت له اليد الطولى في العلوم العربية، والكعب العالي في الفنون الأدبية، وكان يقع في الحديث

الشريف وفي رواته ويقول: هم جهال لا يعرفون العلوم الحكمية ولا معاني الأحاديث الحقيقية، وكان

حفظ القرآن الكريم في كبر سنه، ونقل معانيه باللغة الأردوية، ومال في تفسير القرآن إلى أقوال

مرجوحة، وكان كثير الافتخار بترجمته للقرآن، لتضلعه من اللغتين، ومعرفته لأساليبهما، ويؤخذ عله

أنه قد يختار التعبير الذي لا يليق بالملك العلام وجلال الكلام، لغرامه باستعمال ما جرى على لسان

أهل اللغة، وشاع في محاورة بعضهم لبعض، وقد يتورط بذلك فيما يثير عليه النقد واللائمة، ووقع له

ذلك في كتابه أمهات الأمة الذي حدثت عليه ضجة، وكثرت فيه الأقاويل.

كان عصامياً، صنيع نفسه، وجده واجتهاده في العلم والأدب والتأليف، وكان يفتخر بذلك وكان خطيباً

بارعاً، لاذعاً في النكت، كثير التهكم، قد أيد حركة السيد أحمد خان التعليمية وانتصر لها بخطابته

ومحاضراته، وأعان خليفته النواب محسن الملك، وكان ذا عناية بتنمية الأموال وتثميرها مقتصداً في

إنفاقها، حلو الحديث فكه المحاضرة، كثير الدعابة، خفيف الروح، حاضر البديهة، زار الأمير حبيب

الله خان والي أفغانستان الهند، فقابله المولوي نذير أحمد في دهلي، وقد اجتمع العيد مع الجمعة،

فأنشده ع:

عيد وعيد وعيد صرن مجتمعه وجه الحبيب ويوم العيد والجمعة

ففرح الأمير بحسن اختياره، وحضور بديهته، وأقبل عليه يقبله ويعانقه ويبالغ في الثناء عليه.

وكان أسمر اللون، طويل القامة مائلاً إلى السمن، بطيناً، كبير الهامة، أصلح، له عينان صغيرتان

غائرتان تنمان عن ذكاء مفرط، جهوري الصوت، أفوه واسع الشدقين، صغير الأنف كبير المنخرين،

صغير العنق غليظه، متجملاً في اللباس إذا برز للناس، مقتصداً فيه إلى النهاية إذا دخل البيت،

واشتغل بذات نفسه.

وله مصنفات ممتعة، أحسنها ما يغنيك في الصرف في التصريف، ومبادىء الحكمة في المنقط في

أسلوب عصري مبسط كلاهما بالأردو، والحقوق والفرائض وله غير ذلك، نحو مرآة العروس،

وبنات النعش، وتوبة النصوح، وابن الوقت، والأيامي، كلها روايات أخلاقية تجمع بين الأدب والعلم،

وتعليم الدين والأخلاق، وتلقيت بقبول عظيم وله أبيات رقيقة رائقة بالعربية.

منها قوله في مدح سر وليم ميور.

تمنيت أن القلب كان لساني يبوح بسر يحتويه جناني

فإني إذا ما رمت إظهار شكركم تقصر عنه منطقي وبياني

ولم أر قبلي قط من نال غاية تخلف عنها أهل كل زمان

يلاطفه بحر الندى وعبابه ويكرمه ليث الوغى وطعان

دعاني فأدناني وأعلى محلتي وأجلسني من قربه بمكان

وزودني ما إن تنوء بعصبة أولى قوة لهذ أشق عوان

نقودي فلي في ألفه ألف حاجة قضاء ديون وافتكاك رهان

وغيرهما ما لا أكاد أعدها وذا ساعتي صيغت من العقيان

أقلدها جيدي ليعلم أنني لسر وليم في ربقة الإحسان

وله في قدوم الأمير حبيب الله خان ملك أفغانستان:

جمعت فيك التقى والملك والأدبا والله إنا نرى في شأنك العجبا

ذكرتنا الخلفاء الراشدين فدم على الهدى وتبع منهاجهم رغبا

إنا لفي زمن في أهله خبل لا يحسنون اكتساب العلم والطلبا

<<  <  ج: ص:  >  >>