وصنف كثير من العلماء في أخباره كتباً مستقلة أحسنها سير الألياء وجمع أكثر أصحابه
ملفوظاته أشهرها فوائد الفؤاد.
مات رحمه الله تعالى في سنة خمس وعشرين وسبعمائة وله تسع وثمانون سنة، ودفن بمدينة
دهلي في قاع خارج المدينة، بنى فيه محمد شاه تغلق ومن بعده من الملوك الأبنية الرفيعة،
وقبره مشهور ظاهر يزار ويتبرك به.
الشيخ محمد بن إسحاق الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن إسحاق بن علي بن إسحاق الحسيني البخاري الدهلوي كان
ابن بنت الشيخ فريد الدين مسعود العمري الأجودهني، توفي والده في صغر سنه، فاستقدمه
الشيخ نظام الدين محمد البدايوني إلى دهلي مع أخيه موسى وأمهما، فتربى في حجر الشيخ
وحفظ القرآن، وقرأ العلم على الشيخ أحمد النيسابوري وعلى غيره من العلماء، وأخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين المذكور ولازمه مدة حياة الشيخ.
وكانت له معرفة بالإيقاع والنغم وبراعة في الموسيقى والشعر والفنون الحكمية، له أنوار
المجالس كتاب جمع فيه ملفوظات الشيخ.
مات في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ محمد بن أحمد المعبري
الشيخ الفقيه محمد بن أحمد بن محمد بن منصور جمال الدين المعبري أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ جلال الدين حسين بن أحمد البخاري
الجي وصحبه مدة من الزمان، فأجازه الشيخ وكتب له الإجازة، وأوصاه بما أوصى به
مشايخه، كما في خزانة الفوائد.
وكانت وفاته بمدينة دهلي في حياة شيخه، كما في جامع العلوم.
القاضي محمد بن البرهان الهانسوي
الشيخ الفاضل محمد بن البرهان القاضي كمال الدين الهانسوي أحد كبار الفقهاء الحنفية،
قرأ العلم على خاله الشيخ العلامة فخر الدين الهانسوي مشاركاً للشيخ فخر الدين الزرادي،
وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، فولي القضاء حتى
صار أقضى قضاة الهند في عهد تغلق شاه، واستقام على تلك الخدمة الجليلة إلى آخر
عهد محمد شاه تغلق، كان محمد شاه المذكور يقربه إلى نفسه مع غشمه وجوره، كما في
كتب الأخبار.
محمد بن تغلق شاه الدهلوي
أبو مجاهد فخر الدين محمد بن تغلق شاه التركي الدهلوي السلطان الجائر المشهور
بالعادل.
ولد ونشأ بأرض الهند، وكان أبوه تركياً من مماليك صاحب الهند، فتنقل إلى أن ولي
السلطنة واتسعت مملكته جداً، وكان هذا الملك من عجائب الزمن وسوانح الدهر، لم ير
مثله في الملوك والسلاطين في بذل الأموال الطائلة وسفك الدماء المعصومة وفتح الفتوحات
الكثيرة وتوسيع المملكة العظيمة، وسنذكر من أخباره عجائب لم يسمع بمثلها عمن تقدمه
مما رأى الشيخ محمد بن بطوطة المغربي بعينه وكان ساح بلاد الهند ودخل دهلي في عهده
وولي القضاء.
قال ابن بطوطة في كتاب الرحلة: إنما أذكر منها ما حضرته وشاهدته وعاينته ولا سيما
جوده على الغرباء، فإنه يفضلهم على أهل الهند ويؤثرهم ويجزل لهم الإحسان ويسبغ
عليهم، ومن إحسانه إليهم أن سماهم الأعزة ومنع أن يدعو الغرباء وقال: إن الإنسان إذا
دعى غريباً انكسر خاطره وتغير حاله.
فمن ذلك أنه قدم عليه ناصر الدين الترمذي الواعظ وأقام تحت إحسانه مدة عام، ثم
أحب الرجوع إلى وطنه فأذن له في ذلك، ولم يكن يسمع وعظه فأمر أن يهيأ له منبر من
الصندل الأبيض المقاصري وجعلت مساميره وصفائحه من الذهب وألصق بأعلاه حجر
ياقوت عظيم وخلع على ناصر الدين خلعة مرصعة بالجوهر ونصب له المنبر فوعظ وذكر،
فلما نزل عن