رحل إلى قنوج وأخذ عن الشيخ يسين القنوجي ثم ذهب إلى هركام وقرأ سائر الكتب
الدرسية على الشيخ أبي الواعظ الهركامي ورجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ
محمد عاقل الأترولوي والسيد طفيل محمد البلكرامي وخلق آخرون، توفي يوم الاثنين لأربع عشرة
خلون من شعبان سنة سبع عشرة ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
القاضي مربي البهانوي
الشيخ الفقيه القاضي مربي الحسيني الترمذي البهانوي أحد رجال العلم والصلاح، ينتهي نسبه إلى
زيد بن علي بن الحسين السبط - عليه وعلى آبائه السلام - ولد ونشأ بقرية بهاني بكسر الباء
الفارسية وقرأ العلم في بلاد شتى ثم لازم السيد قطب الدين الشمس آبادي، وأخذ عنه وقرأ فاتحة
الفراغ عنده ثم ولي القضاء بفرخ آباد، له شرح على سلم العلوم وحاشية على مير زاهد رساله، كما
في تاريخ فرخ آباد.
السيد مرتضى الملتاني
الشيخ العالم الصالح مرتضى الحسيني الملتاني الدفين ببلدة برهانبور كان سيفاً مسلولاً على
المبتدعين، عابداً قواماً صواماً ذاكراً لله تعالى آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، لا يخاف في الله ولا
يهاب أحداً، ولا يختلط بأهل الدنيا ولا يتركهم يختلطون به، ولا يقبل النذور والفتوحات ولا يقبل عن
الملوك والسلاطين شيئاً من الأرض الخراجية والرواتب الشهرية والسنوية ولا يستمع الغناء، وكان
ينهى عن الرسوم المروجة في ليلة البراءة والعاشوراء والعيدين وعن الطعام الذي يطبخونه للميت
ولكنهم لا يعطونه الفقراء والمساكين بل يقسمونه على الأغنياء من إخوتهم وعشيرتهم، وكان ينهى
عما اعتاده الناس من قراءة الفاتحة برفع الأيدي على الأطعمة المطبوخة، وكان يجتهد في إثبات
حرمة التتن ويشدد في ذلك، ويشنع على علماء السوء وينكر عليهم في مصاحبة الأمراء وجذبهم
قلوب الأغنياء بمداهنة في الشرع والدين واستماعهم الغناء في مجالسهم مع الفسقة واجتماعهم على
قبور المشايخ في الأعراس بالغناء والرقص وعلى هذا القبيل ينكر أشياء كثيرة يهجنها على رؤوس
المنابر وكان لا يدع أحداً يبايعه، وإن جاءه أحد من الناس ويقول: إني أبايعك فيمنعه عن التفوه بهذا
اللفظ ويزجره ويقول له قل: إني جئت لأتوب وأستغفر مما ارتكبت من السيئات وأرجو أن يوفقني
الله سبحانه أن لا أفعل شيئاً ولا أقول قولاً يخالف الشرع، وهكذا أخذ البيعة عن ثلاثة أو أربعة آلاف
من أهل الملتان ولاهور وبلاد أخرى إلى بلاد الدكن، وكان لا يأكل الطعام في بيوت الأمراء ولو
عرض عليه أحد شيئاً من النذور لا يقبله إلا بعد تحقيقه صناعة ذلك المرء وحرفته وكسبه وأنه جاء
بمال طيب ليست فيه حرمة وأنه أدى حقوق أهله وعياله ثم يخرج منها الخمس، وفي ذلك أوذى من
المخالفين وأخيف حتى أنه لما وصل إلى أورنك آباد ووعظ الناس على عادته وشد النكير على
المبتدعين وشنع على العلماء والمشايخ بمداهنتهم في دين الله طلبه القاضي محمد أكرم قاضي أورنك
آباد بمحضر من أهل الحكومة، فطفق الناس يهجمون على القاضي فمنعهم السيد مرتضى عن ذلك
وذهب إلى محاكمة القاضي، فباحثه القاضي في حرمة التتن وحلته حتى انتهى الكلام إلى أن يهجر
المسجد لضيقه لا يسع الناس، ثم لما وصل المرتضى إلى حضرة السلطان عالمكير وعرض عليه
رسالته المسماة بحق كو وقرأ السلطان شيئاً منها قال: إني أحمد الله سبحانه على أن في عهدي رجالاً
يصدعون بالحق، ثم أمر ابنه كام بخش أن يذهب به إلى قصره ويتبعه في كل ما يأمر به ثم كلفه بأن
يقبل العطايا السلطانية فأبى ثم بعد مدة عرض عليه الاحتساب وقال له: أي بلد ترضى ماءه وهواءه
أكتب لك في ذلك البلد، فأجابه: أنكم إذا كتبتموا لي على خاصة الناس أقبله لأن العامة في أكثر البلاد
على أثرى، فقال له عالمكير: إني ما فهمت معناكم، فقال القاضي محمد أكرم وكان موجوداً في ذلك
المجلس وكان قاضي القضاة في ذلك الزمان: إن مقصده من الخاصة قبور الأولياء، قال: وإنه يقول
على المنبر: إنه ينبغي أن يخرج العظام من قبر يغني ويرقص على ذلك القبر فتحرق، فقال
عالمكير: إني لا