المُقَدَّرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ المُصَنِّفِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلِ الأَوْلَى أَنْ يَكُونَ البِنَاءُ بِحَسَبِ اللَّفْظِ الظَّاهِرِ، فَـ «كَتَبَ» فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وَ «كَتَبْتُ» مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَ «كَتَبُوا» مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ.
(وَ) أَمَّا (الأَمْرُ) فَـ (مَجْزُومٌ أَبَدًا)، نَحْوُ: «اجْلِسْ»، وَ «قُمْ»، وَ «اكْتُبْ»، وَ «اسْتَخْرِجْ».
وَقَوْلُ المُصَنِّفِ: «مَجْزُومٌ» يُشِيرُ إِلَى قَوْلِ طَائِفَةٍ بِأَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مُعْرَبٌ بِلَامٍ مَحْذُوفَةٍ، فَأَصْلُ «اجْلِسْ» عِنْدَهُمْ: «لِتَجْلِسْ»، وَلَيْسَ مَبْنِيًّا؛ فَإِنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالجَزْمَ وَالخَفْضَ - أَوِ الجَرَّ -: مُصْطَلَحَاتٌ لِلْمُعْرَبِ، فَتَقُولُ فِي الكَلِمَةِ المُعْرَبَةِ: «يَذْهَبَ» فَعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِالفَتْحَةِ، أَمَّا المَبْنِيُّ - نَحْوُ: «كَتَبَ» - فَتَقُولُ: «مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ»، فَمُصْطَحَاتُ البِنَاءِ هِيَ: الضَّمُّ وَالفَتْحُ وَالسُّكُونُ وَالكَسْرَةُ.
فَالرَّفْعُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الضَّمُّ فِي البِنَاءِ، وَالنَّصْبُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الفَتْحُ فِي البِنَاءِ، وَالجَزْمُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ السُّكُونُ فِي البِنَاءِ، وَالخَفْضُ فِي الإِعْرَابِ يُقَابِلُهُ الكَسْرُ فِي البِنَاءِ.
وَالقَوْلُ الثَّانِي - وَهُوَ الأَشْهَرُ -: أَنَّ فِعْلَ الأَمْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ.
وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ المُصَنِّفِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنَّ رَأْيَهُ عَلَى الاخْتِيَارِ الأَوَّلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِ: «مَجْزُومٌ».
وَالثَّانِي: أَنَّ رَأْيَهُ عَلَى الاخْتِيَارِ الثَّانِي، فَيَكُونُ المُرَادُ: «مِثْلُ المَجْزُومِ»، أَيْ عَلَى مَا يُجْزَمُ بِهِ مُضَارِعُهُ؛ فَإِنَّ البِنَاءَ فِي فِعْلِ الأَمْرِ يُقَابِلُ الإِعْرَابَ فِي مُضَارِعِهِ.
فَـ «اكْتُبْ»: فِعْلُ أَمْرٍ، مُضَارِعُهُ: «يَكْتُبْ»، فَفِعْلُ الأَمْرِ: مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لأَنَّ مُضَارِعَهُ مَجْزُومٌ بِالسُّكُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute