للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلم حافظاً متقناً مشهوراً بالعدالة في روايته فهذه الدرجة الأولى من الصحيح " (١) .

ويلاحظ هنا أن الحاكم عدَّ الصحابي الذي ليس له إلا راو واحد ليس مشهوراً. ومن هنا لا يصل حديثه إلى الدرجة العالية من الثقة التي تجعل البخاري ومسلم يأخذان بحديثه وقد عد الحاكم حديث مثل هذا النوع في الدرجة الثانية من درجات الصحيح المتفق عليه ومثل له بحديث عروة بن مضرس الطائي أنه قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمزدلفة: فقلت يا رسول الله أتيتك من جبل طيء، أتعبت نفسي، وأكلت مطيتي، ووالله ما تركت من جبل إلا وقد وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى معنا هذه الصلاة وقد أتى عرفة قبل ذلك بيوم أو ليلة فقد تم حجه، وقضى تفثه " (٢) .

ثم عدد الحاكم كثيراً من الصحابة الذين رووا أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لكل واحد منهم إلا راو واحد ثم قال: " والشواهد كما ذكرنا كثيرة ولم يخرج البخاري ومسلم هذا النوع من الحديث في الصحيح " (٣) .

وقد عارض أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت ٥٠٧هـ) الحاكم في هذا، وقرر أن البخاري ومسلماً لم يكن عندهما هذا الشرط ولا نقل على واحد منهما أنه قال بذلك وأن الحاكم لم يقدر هذا التقدير عن استقراء


(١) الحاكم النيسابوري: المدخل في أصول الحديث - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان ص١٥٠.
(٢) أخرجه أبو داود في المناسك، باب من لم يدرك عرفة (الحديث ١٩٥٠) ، وأخرجه الترمذي في الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (الحديث ٨٩١) ، وأخرجه النسائي في مناسك الحج، في من لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة (الأحاديث ٣٠٣٩، ٣٠٤٠، ٣٠٤١، ٣٠٤٢، ٣٠٤٣) ، وأخرجه ابن ماجه في المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع (الحديث ٣٠١٦) .
(٣) المدخل في أصول الحديث ص١٥٣.

<<  <   >  >>