عند إمعان النظر في صنيع المحدثين يتبين لنا أن التفرد على مرتبتين:
١- تفرد في الطبقات المتقدمة.
٢- تفرد في الطبقات المتأخرة.
أولاً: التفرد في الطبقات المتقدمة:
إن تفرد الراوي بحديث في طبقة من شأنها عدم شهرته وعدم تعدد رواته في الغالب، فهذا النوع من التفرد مقبول ومحتج به بشرط أن يكون الراوي ثقة معروفاً.
لأن التفرد في هذه الطبقات لا يثير في نفس الناقد تساؤلاً حول كيفية التفرد، ولا ريبة في مدى ضبطه لما تفرد به حيث إن تداخل الأحاديث والآثار بالنسبة إليه احتمال يكون معدوماً، ونظراً لمحدودية الأسانيد التي يتداولها هو ومعاصروه وقصرها.
وأما إذا خالف ما ثبت واشتهر، أو كان متنه لا يعرف إلا من روايته، ولم يجر العمل بمقتضاه سابقاً، فإنه عندئذ يصبح شاذاً غريباً ويرفض الناقد قبوله.
وأما إذا كان الراوي المتفرد به ضعيفاً فأمره بين، فلا خلاف بينهم في رد حديثه، وكذا إذا كان مجهولا، فإنه يرد عند الجمهور من النقدة (١) .
(١) الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين ص٢٦ - ٢٧ ملخصاً.