للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الحكم لوقوفهم على متابعات وشواهد تدفع عن الحديث وصوف الغرابة أو النكارة.

فهذه جملة من الأمور تتضح تفاصيلها من الأمثلة المدروسة.

المثال الأول:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه (١) ".

فهذا الحديث تفرد بإخراجه البخاري من دون أصحاب الكتب الستة، خرجه عن محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال حدثنا شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بطوله وزاد في آخره: "وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفسي المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته".

قال الحافظ ابن رجب: "وهو من غرائب الصحيح تفرد به ابن كرامة عن خالد، ليس هو في مسند أحمد، مع أن خالد بن مخلد القطواني تكلم يه أحمد وغيره، وقالوا: له مناكير وقد روي هذا الحديث من وجوه أخرى لا تخلو كلها من مقال" (٢) .


(١) أخرجه البخاري، في كتاب الرقاق، باب التواضع حديث رقم (٦٥٠٢) ، ج١١ ص٣٤٨ (مع الفتح) ، وأبو نعيم في الحيلة: ج١ ص٤، والبيهقي في "الزهد" (٦٩٠) و "السنن) : ج٣ ص٣٤٦ وج١٠ ص٢١٩، والبغوي في "شرح السنة" (١٢٤٨) .
(٢) جامع العلوم والحكم - تحقيق شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس - دار الهدى عين مليلة. الجزائر، ج٢ ص٣٣٠ - ٣٣١.

<<  <   >  >>