للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد احتج الخطب البغدادي بهذا على أنه إذا ورد الحديث مرسلاً ومتصلاً فالحكم لمن أوصله إذا كان ثقة وتبعه على ذلك ابن الصلاح في مقدمته، محتجاً بصنيع الإمام البخاري في ترجيح الموصول على المرسل هنا، مع أن من أرسله شعبة وسفيان، وهما جبلان لهما من الحفظ والإتقان الدرجة العالية (١) .

فهل يصح أن نأخذ من هذا حكماً كلياً ننسبه إلى الإمام البخاري ونعده منهجاً له كما فعل الخطيب رحمه الله وتبعه على ذلك ابن الصلاح وكثير من المتأخرين؟

لقد تعقب الحفاظ ابن رجب الخطيب في هذه المسألة وتبين أنها لا تأخذ كحكم كلي مطرد وهذا من خلال الاستقراء لصنيع الإمام البخاري في كتابه التاريخي الكبير فقال: "وهذه الحكاية إن صحت فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث، وإلا فمن تأمل كتاب تاريخ البخاري، تبين له قطعاً أنه لم يكن يرى أن زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة" (٢) .

وبين ابن رجب أن هذا ليس منهجاً للبخاري فحسب بل هو منهج غيره من الأئمة النقاد فقال: "وهكذا الدارقطني يذكر في بعض المواضع أن الزيادة من الثقة مقبولة، ثم يرد في اكثر المواضع زيادات كثيرة من الثقات، ويرجح الإرسال على الإسناد فدل على أن مرادهم زيادة في تلك المواضع الخاصة وهي إذا كان الثقة مبرزاً في الحفظ" (٣) .

فالحافظ رد على الخطيب ومن تبعه رداً مجملاً مبيناً أن قبول زيادة الوصل إنما هو لقرائن خاصة في مواضع خاصة ولم يفصل في ذكر تلك القرائن في هذا الحديث.

وقد رد أيضاً على الخطيب ومن تبعه كابن الصلاح، الحافظ ابن حجر –رحمه الله- فقال:


(١) علوم الحديث ص٦٥.
(٢) شرح العلل ص٢٤٤.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <   >  >>