كلا بل الوقف يعارض الرفع، لأن الوقف معناه أن الحديث من قول الصحابي، والرفع معناه من قول النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يكون الحديث الواحد بالإسناد الواحد قولاً للصحابي وقولاً للرسول صلى الله عليه وسلم في آن واحد.
ثم قال الحافظ:"لأن الراوي قد ينشط فيسند، وقد لا ينشط فيقف". ليس هذا فحسب بل هناك أسباب أخرى منها:
- أن الراوي قد يخطئ ويهم، فيرفع ما يقفه غيره، أو يقف ما يرفعه غيره.
- ومنها أن الراوي قد يشك فيقف الحديث وهذا دأب كثير من الثقات فإنهم إذا شكوا في الحديث وقفوا أو أرسلوه، والظاهر هنا في هذا الحديث أن عبد الحميد أخطأ في وقفه، والله تعالى أعلم.
المثال الثاني:
قال البخاري – رحمه الله -:
" حدثنا مطر بن الفضل حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العوام، حدثنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال: سمعت أبا بريدة واصطحب هو يزيد بن أبي كبشة في سفر، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بريدة: سمعت أبا موسى مراراً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذ مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً" (١) .
وقد ذكر الحافظ الدارقطني هذا الحديث في "التتبع" وبين الاختلاف في رفعه ووقفه فقال: "وأخرج البخاري حديث العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن أبي بريدة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا
(١) الجامع الصحيح، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة حديث رقم (٢٩٩٦) ج٢ ص١٥٨ (مع الفتح) .