• إن الإمام البخاري لم ينطلق في تصنيف جامعه من فراغ، بل يعتبر صحيحه حلقة من سلسلة ممتدة إلى المصنفين الأوائل كمالك وابن جريح والأوزاعي وابن المبارك وغيرهم.
إن الإضافة الجديدة التي أضافها الإمام البخاري تتمثل في:
• جعل كتابه جامعاً لأنواع علوم الإسلام من عقيدة وفقه وتفسير ومغازي وسير وزهد ورقاق وفضائل وآداب، بينما كان من سبقه يركز على علم من العلوم فالسنن والجوامع والموطآت كانت تهتم بما يتعلق بالأحكام الفقهية دون غيرها من العلوم. وكذلك كتب السير والمغازي. خاصة بهذا الفن ولا تتعرض لغيره. وكذلك كتب التفسير فهي موضوعة لهذا الجانب ولا تتعرض لغيره كالفقه والسير والمغازي. وأما الأجزاء الحديثية فكل جزء منها خاص بباب معين من أبواب العلم، بنما نجد الجامع الصحيح قد اشتمل على كل تلك العلوم وهذا السبب في تسميته بالجامع.
• كان من سبق من العلماء يجمع في كتابه الأخبار ولا يلتزم الصحة. فيذكر الصحيح والحسن والضعيف وقد يكون فيها الموضوع أحياناً، ولكن الإمام البخاري اقتصر في جامعه على الصحيح فقط لذا سماه الجامع الصحيح.
• كان من سبق من العلماء يجمع في كتابه الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة، والمتصل والمنقطع على حد سواء، لكن البخاري خصّص كتابه لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسانيد المتصلة، وإن كان يذكر فيه الآثار والموقوفات على سبيل التبع للاستشهاد، وقد حوى جملة كثيرة من الموقوفات والآثار وعادة يرويها معلّقة، فهي ليست مقصودة أصالة وإنما بالتبع والاستطراد، لذا سمى البخاري كتابه الجامع الصحيح المسند.
• كان المصنفون يهتمون بمزج الحديث بالفقه كما فعل مالك في موطئه، ويذكرون آراء العلماء وفقهاء التابعين والأمصار، والإمام