للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ: " وقد حكم النسائي وغيره على هشيم بالخطأ فيه، وعندي أنه رواه من حفظه بلفظ ظن أنه يؤدي معناه، فلم يصب، فإن اللفظ الذي أتى به أعم من اللفظ الذي سمعه، وسبب ذلك أن هشيماً سمع من الزهري بمكة أحاديث ولم يكتبها وعلق بحفظه بعضها فلم يكن من الضابطين عنه، ولذلك لم يخرج الشيخان عنه شيئاً" (١) .

فالبخاري ومسلم لم يخرجا هذا الحديث لأنه معلول، وظهرت علته بمخالفة هشيم لسائر أصحاب الزهري ليست قوية، لأنه لم يكتب الأحاديث التي سمعها من الزهري، وإنما اعتمد على حفظه فكان أحياناً يروي على سبيل التوهم، أي يروي الشيء ويظن أنه يؤديه بالمعنى فيقع في الوهم والخطأ.

وينبغي التنبيه هنا إلى أن هذا المتن " لا يتوارث أهل ملتين" قد ورد من غير هذا الطريق (فقد رواه الترمذي من حديث جابر (٢) ، ورواه أبو يعلى من حديث عائشة، ورواه أصحاب السنن الأربعة (٣) من طريقة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وسند أبي داود فيه إلى عمر صحيح" (٤) .

المثال الثاني:

قال البخاري: "حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر – رضي الله عنهما " كانوا يستفتحون


(١) النكت ص٢٧٥.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه في كتاب الفرائض، باب إبطال ميراث المسلم من الكافر، وقال عقبه: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ليلي ج٣ ص١٨٣ (مع التحفة) وابن أبي ليلى قال فيه الحافظ في التقريب: صدوق سيء الحفظ جداً.
(٣) رواه أبو داود في سننه، كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر ج٢ ص١٩، وسنده صحيح إلى عمرو، ورواه ابن ماجه في كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك (٣٧٣١) ج٢ ص٩١٢، وفي سنده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف.
(٤) فتح الباري: ج٥ ص٥٢.

<<  <   >  >>