لكن روى أبو داود في سننه (١) بإسناد جيد في بعض طرق هذا الحديث زيادة لفظ (ثلاثاً) عند قوله ومسح رأسه، وهي تفيد تثليث مسح الرأس.
فما حكم هذه الزيادة؟ وهل هي محفوظة أم لا؟ ولماذا تركها الشيخان؟ وما الحكم الفقهي المستفاد منها؟
لو نظرنا إلى ظاهر السند الذي رويت به هذه الزيادة، ما ترددنا في قبولها لكن كثيراً من الأئمة لم يصححوها ومن هؤلاء:
الإمام أبو داود راوي هذه الزيادة.
يقول في سننه:"أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة"(٢) .
وقال ابن المنذر:"إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح واحدة"(٣) .
وقال الدارقطني في سننه:"إن السنة في الوضوء مسح الرأس مرة واحدة"(٤) .
وقال العلامة ابن القيم:"والصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس، هكذا جاء عنه صريحاً، ولم يصح عنه خلافه البتة"(٥) .
أما الإمام البخاري - رحمه الله - فصنيعه يشعر ويدل دلالة واضحة، أنه لا يصحح تلك الزيادة إذ أنه روى هذا الحديث في مواضع متعددة من صحيحه، ولم يورد تلك الزيادة وترجم على الحديث في كل مرة مستنبطاً منه مسائل فقهية.
- ترجم عليه أولاً بما يدل على سنة التثليث عموماً في الوضوء (باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً) بعد أن أورد ما يدل على مشروعية المرة الواحدة والمرتين (باب الوضوء مرة مرة) و (باب الوضوء مرتين مرتين) .
(١) أخرجه في كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من طريق محمد بن المثنى، عن الضمان بن مخلد عن عبد الرحمن بن وردان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: رأيت عثمان ومسح رأسه ثلاثاً (السنن ج١ ص١٧) ، وفي صحيح ابن خزيمة من نفس الطريق وغيره.