للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قوم: الحد في السماع خمس عشرة سنة، وقال غيرهم: ثلاث عشرة، وقال جمهور العلماء: يصح لمن سنه دون ذلك، وهذا هو عندنا الصواب " (١) .

وقد ذهب الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه إلى صحة سماع الصغير قبل البلوغ، وقد ترجم لهذه المسألة في كتاب العلم بقوله: "باب متى يصح سماع الصغير؟ " وأورد فيه حديثين:

أولهما: حديث ابن عباس قال: " أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر لك علي " (٢) .

وثانيهما: حديث محمود بن الربيع. قال: " عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو " (٣) .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: " ومقصود الباب الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطاً في التحمل. وأشار المصنف بهذا إلى الاختلاف وقع بين أحمد بن حنبل ويحي بن معين، رواه الخطيب في الكفاية عن عبد الله بن أحمد وغيره أن يحي قال: أقل سن التحمل خمس عشرة سنة لكون ابن عمر رد يوم أحد إذ لم يبلغها. فبلغ ذلك أحمد فقال: إذا عقل ما يسمع، وإنما قصة ابن عمر في القتال. ثم أورد الخطيب أشياء مما حفظها جمع من الصحابة ومن بعدهم في الصغر وحدثوا بها بعد ذلك وقبلت عنهم، وهذا هو المعتمد " (٤) .


(١) الكفاية في علم الرواية - تحقيق د. أحمد عمر هاشم - دار الكتاب العربي - ط٢ - ١٤٠٦هـ - ١٩٨٦م، ص٧٣.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير حديث رقم (٧٦) ج١ ص٢٠٥.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير حديث رقم (٧٧) ج١ ص٢٠٧.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ج١ ص٢٠٥.

<<  <   >  >>